وعندما تلتقي حلقة العساكر يلحقها خلد الله سلطانه ومعه الجوارح الصائدة والحوامي الصائلة والأسهم النافذة والفهود الآخذة فتموج الوحش ذعرا وترى مسالكها قد سدت عليها سهلا ووعرا وضرب دون نجاتها بسور من الجياد والفرسان وحيل بينها وبين خلاصها بنبال وخرصان فحينئذ تفر النعام عن رمالها والظباء عن ظلالها والبقر عن جآذرها والحمر عن بولها ويقبض خلد الله سلطانه من جنس الوحش كل نوع ولو يمسكها بجارح لأمسكها كما تمسك عداة الإسلام بالروع وتجزل منها المكاسب وتملأ منها الحقائب فإذا أخذ حظه من القبض ولذة اكتسابه رسم لأمرائه بالصيد عند صدور ركابه فيصيدون ويقنصون زادهم الله من فضله فإنهم في طاعته مخلصون فيكثر عند ذلك كل قنص ذبيح ويأتي كل بما اقتنصه ليظهر الترجيح فإذا استكمل أوقات الصيد من الطير والوحش ثنى ركابه الشريف إلى جهة القلعة المحروسة والقفار قد شرفت بمرور مواكبه والوحش والطير قد افتخرت بكونها أصبحت من مكاسبه .
هذا كله وإن كانت النفس تراه لهوا وتبلغ به كل ما تهوى ففي طيه من تمرين الجنود على الحرب ما تشد به العزمات وتقوى فيؤم الركاب الشريف عائدا إلى سرير ملكه بالقلعة المحروسة والسلامة قد قضت ما يجب عليها من حراسته والأقدار قد وفت ما ينبغي من كلاءته فلم يك إلا وهو صاعد إلى القلعة المحروسة وألسنة السعادة تخاطبه وسريره قد اهتزت فرحا بمقدمه جوانبه والصيد المبارك قد سعدت مباديه وحمدت عواقبه فيلقي أهبة السفر ويأخذ فيما بطن من المصالح الإسلامية وظهر وتنشده ألسنة السلامة ما أملى عليها العز والتأييد والظفر .
( ملك البسيطة آب من سفره ... والنصر والتأييد في أثره ) .
( فكأنه في عز موكبه ... بدر تألق في سنا خفره ) .
( ما في البرية مثله ملك ... أوتي الذي أوتيه من ظفره )