المحارم كان الضرر به أكثر من الانتفاع وأثر فعله من الأضرار ما لم تؤثره السيوف ولله القائل .
( ولضربة من كاتب ببنانه ... أمضى وأقطع من رقيق حسام ) .
( قوم إذا عزموا عداوة حاسد ... سفكوا الدما بأسنة الأقلام ) .
وأيضا فإنه لا يقبل قول الفاسق فتضيع به المصالح وربما حمله الفسق وعدم الاكتراث بأمور الدين على وهن يدخله على الدين بقلمه أو ضرر يجلبه بلسانه .
وأيضا فالكتابة ولاية شرعية والفاسق لا تصح توليته شيئا من أمور المسلمين وقد أطلق القاضي أبو الطيب والماوردي من أصحابنا الشافعية القول باشتراط العدالة في كاتب القاضي فيجب مثله في كاتب السلطان بل أولى على ما تقدم .
الصفة السادسة البلاغة بحيث يكون منها بأعلى رتبة وأسنى منزلة فإنه لسان السلطان الذي ينطق به ويده التي بها يكتب ورب كاتب بليغ أصاب الغرض في كتابته فأغنى عن الكتائب وأعمل القلم فكفاه إعمال البيض القواضب وإذا كان جيد الفطنة صائب الرأي حسن الألفاظ تتأتى له المعاني الجزلة فيجلوها في الألفاظ السهلة ويختصر حيث يكون الاختصار ويطيل حيث لا يجد عن الإطالة بدا ويتهدد فيملأ القلوب روعة ويشكر فيلقي على النفوس مسرة وإن كتب إلى ملك كبير وذي رتبة خطير عظم مملكة سلطانه وفخمها في معارض كلامه من غير أن يوجد أن ذلك قصده .
الصفة السابعة وفور العقل وجزالة الرأي فإن العقل أس الفضائل وأصل المناقب ومن لا عقل له لا انتفاع به وكلام المرء ورأيه على قدر عقله فإذا كان تام العقل كامل الرأي وضع الأشياء في مكاتباته ومخاطباته في مواضعها وأتى بالكلام من وجهه وخاطب كل أحد عن سلطانه بما يقتضيه الحال التي يكون عليها فيشتد ما كانت الشدة نافعة ويلين حين