الأنف وصفه بكونه مسرجا إما أنه كالسيف السريجي في الدقة والاستواء والسريجي نسبة إلى قين يسمى سريجا تنسب إليه السيوف وإما أنه كالسراج في البريق واللمعان أو من قولهم سرج الله وجهه إذا بهجه وحسنه .
فهذا ومثله مما لا يقف على معناه إلا من عرف التصريف وأتقنه .
إذا تقرر ذلك فاعلم أن اللفظ يختلف في الغرابة وعدمها باختلاف النسب والإضافات فقد يكون اللفظ مألوفا متداول الاستعمال عند كل قوم في كل زمن وقد يكون غريبا متوحشا في زمن دون زمن وقد يكون غريبا متوحشا عند قوم مستعملا مألوفا عند آخرين .
وهو أربعة أصناف .
الصنف الأول المألوف المتداول الاستعمال عند كل قوم في كل زمن .
وهو ما تداول استعماله الأول والآخر من الزمان القديم وإلى زماننا كالسماء والأرض والليل والنهار والحر والبرد وما أشبه ذلك وهو أحسن الألفاظ وأعذبها وأعلاها درجة وأغلاها قيمة إذ أحسن اللفظ ما كان مألوفا متداولا كما تقدم وهذا لا يقع عليه اسم الوحشي بحال .
قال في المثل السائر وأنت إذا نظرت إلى كتاب الله العزيز الذي هو أفصح الكلام وجدته سهلا سلسا وما تضمنه من الكلمات الغريبة يسيرا جدا .
هذا وقد أنزل في زمن العرب العرباء وألفاظه كلها من أسهل الألفاظ وأقربها استعمالا وكفى بالقرآن الكريم قدوة .
وقد قال النبي ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني يريد فاتحة الكتاب .
وإذا نظرت إلى ما اشتملت عليه من الألفاظ وجدتها سهلة قريبة يفهمها كل أحد حتى صبيان المكاتب وعوام السوقة وإن لم يفهموا ما تحتها من أسرار الفصاحة والبلاغة فإن أحسن الكلام ما عرف الخاصة فضله وفهم العامة معناه وهكذا فلتكن الألفاظ المستعملة في سهولة فهمها وقرب متناولها والمقتدي بألفاظ