قال في المثل السائر ويالله العجب أليس أنها بمعنى فريد وفريد لفظه حسنة رائقة لو وضعت في هذا البيت موضع حجيش لما اختل شيء من وزنه فتأبط شرا ملوم من وجهين أحدهما استعماله القبيح والثاني أنه كانت له مندوحة عن استعماله فلم يعدل عنها وأقبح من ذلك لفظ اطلخم في قول أبي تمام .
( قد قلت لما اطلخم الأمر وانبعثت ... عشواء تالية عنبسا دهاريسا ) .
فإن لفظه اطلخم من الألفاظ المنكرة التي جمعت الوصفين القبيحين من أنها غريبة وأنها غليظة في السمع كريهة على الذوق وكذلك لفظه دهاريس في آخر البيت المذكور .
وعلى حد ذلك ورد لفظ جيدر في قوله من أبيات في وصف فرس .
( نعم متاع الدنيا حباك به ... أروع لاجيدر ولا جبس ) .
فلفظه جيدر وحشية غليظة وأغلظ منها لفظة جفخت في قول أبي الطيب المتنبي .
( جفخت وهم لا يجفخون بها بهم ... شيم على الحسب الأغر دلائل ) .
فإن لفظه جفخ مرة الطعم وإذا مرت على السمع اقشعر منها وكان له مندوحة عن استعمالها فإن جفخت بمعنى فخرت وهما في وزن واحد فلو أتى بلفظ فخرت ويفخرون مكان جفخت ويجفخون لاستقام وزن البيت وحظي في استعماله بالأحسن فهو في ذلك كتأبط شرا في لفظة جحيش في توجه الملامة عليه من وجهين