اللذات جملة إذ لا بد لكل أحد من ذوي الرتبة العلية من الأخذ بنصيب منها لما جبلت عليه الطبائع من الميل إليها والرغبة في الاستمتاع بالنعم والملاذ ولكل منها حظ يضاهي رتبته .
وأهل هذه الصنعة لاختلاطهم بالملوك ومشاركتهم لهم في آدابهم لا غنى بهم عما يقيم مروءاتهم من اللذات المشابهة لأقدارهم ومواضعهم من السلطان .
النوع الثاني .
حسن العشرة التي هي من أفضل الخلائق الموجودة في الغرائز طبعا والحاصلة بالتخلق تكسبا وتطبعا وأعونها لمصالح الحياة والمعاش ومحبة الخاصة والعامة وحصول الثناء والشكر والمودة من الأفاضل والأخيار وكفاية الأراذل الأشرار وإن لم يلتزمها الكاتب طوعا حمل عليها كرها .
واعلم أن أدب المعاشرة على خمسة أضرب .
الضرب الأول عشرة الملوك والعظماء .
قال علي بن خلف ولا يقوم بآدابها وأكمل رسومها إلا من علت في الأدب درجته وسمت في رجاحة العقل منزلته وتميز بغريزة فاضلة وأدب مكتسب وصبر على المشاق في التحلي بالهمم الشريفة والسمو إلى المنازل اللطيفة من عز السلطان ومساعدة الزمان وتمكن من تصريف النفسين الحيوانية والشهوانية على أغراض الناطقية ومطاوعتها وأخذهما بقبول ما ترشد إليه وتبعث عليه لأن صحبة السلطان أمر عظيم وصاحبه راكب خطر