الغريب إلا في النادر وأهل البادية يألفون اللفظ الجزل ويميلون إلى استعمال الغريب وإذا نظرت إلى أهل مكة وكلام قريش الذين نزل القرآن بلغتهم وبعث رسول الله من أرومتهم وكلام أهل حضرموت وما جاورها من اليمن ومخاليف الحجاز علمت فرق ما بين الكلامين وتباين ما بين الطرفين حتى كأن البادي يرطن بالنسبة إلى الحاضر ويتكلم بلغة غير العربية وكانت لغة رسول الله التي يتكلم بها على الدوام ويخاطب بها الخاص والعام لغة قريش وحاضرة الحجاز إلا أنه أوتي جوامع الكلم وجمع إلى سهولة الحاضرة جزالة البادية فكان يخاطب أهل نجد وتهامة وقبائل اليمن بلغتهم ويخاطبهم في الكلام الجزل على قدر طبقتهم .
فمن ذلك كلامه لطهفة النهدي وكتابه إلى بني نهد وذلك أنه لما قدم وفود العرب على النبي قدم عليه طهفة بن أبي زهير النهدي فقال أتيناك يا رسول الله من غور تهامة على أكوار الميس ترتمي بنا العيس نستحلب الصبير ونستجلب الخبير ونستعضد البرير ونستخيل الرهام ونستخيل الجهام من أرض غائلة النطاء غليظة الوطاء قد جف المدهن ويبس الجعثن وسقط الأملوج ومات العسلوج وهلك