قال أبو محمد وكذب هذا القول قد ظهر علانية فقد استوعبوا مدائن بني إسرائيل وغيرها ولم يروا ما وعدهم به من رجوعه بالقدرة علانية قبل أن يموت كل من بحضرته يومئذ وحاش لله أن يكذب نبي فكيف إله ففي هذا الفصل وحده كفاية لو كان ثم عاقل في أن الذين كتبوا هذه الأناجيل كانو كذابين قوم سوء فإن قالوا فإن في صحيح حديثكم أن نبيكم A قال وأشار إلى غلام بحضرته من بني النجار أن استكمل هذا عمره أدرك الساعة فمات ذلك الغلام في حد الصبا وأنه كان يقول للأعراب إذا سألوه متى تقوم الساعة فيشير إلى أصغرهم ويقول أن يستكمل هذا عمره لم يأته الموت حتى تقوم الساعة قلنا هذا لفظ غلط فيه قتادة ومعبد بن هلال فحدثا به عن أنس على ماتوهماه من معنى الحديث ورواه ثابت بن أسلم البناني عن أنس كما قاله رسول الله A بلفظه فقال قامت عليكم ساعتكم وهكذا رواه الثقاة أيضا عن عائشة أم المؤمنين Bها عن النبي A كما رواه ثابت عن أنس وقال أنه عليه السلام قال إن هذا لا يستوفي عمره حتى تقوم ساعتكم يعني وفاة اولئك المخاطبين له وهذا هو الحق الذي لا شك فيه ولا خلاف في أن ثابتا البناني أثقف لألفاظ الأخبار من قتادة ومعبد فكيف وقد وافقته أم المؤمنين ونحن لا ننكر غلط الرواة إذا قام عليه البرهان أنه خطأ وقد صح في القرآن والأخبار الثابتة من طريق عمر بن الخطاب Bه وابنه وغيرهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه لا يدري متى تقوم الساعة أحد إلا الله ولو قال النصارى واليهود مثل هذا في نقله كتبهم ما عنفناهم ولا أنكرنا عليهم وجود الغلط في نقلهم وإنما ننكر عليهم أن ينسبوا يعني اليهود والنصارى إلى الله تعالى الكذب البحت ويقطعون أنه من عند الله تعالى وننكر على النصارى أن يجعلوا من صح عنه الكذب معصوما يأخذون عنه دينهم وأن يحققوا كل خبر متناقض وكل قضية يكذب بعضها بعضا ونعوذ بالله من الخذلان .
فصل .
وفي هذا الباب نفسه أن المسيح قال لهم لا تحسبوا أني جئت لا دخل بين أهل الأرض الصلح لا السيف وإنما قدمت لأفرق بين المرء وابنه وبين الإبنة وأمها وبين الكنة وختنتها وأن يعادي المرء أهل خاصته وفي الباب الثاني عشر من إنجيل لوقا أن المسيح قال لهم إنما قدمت لألقى في الأرض نارا وإنما أراد لي إشعالها