من إبليس ما غره به من أكل الشجرة التي نها الله D عنها ولو علم آدم أن الملك مثله أو دونه لما حمل نفسه على مخالفة أمر الله تعالى لينحط عن منزلته الرفيعة إلى الدون هذا ما لا يظنه ذو عقل أصلا .
قال أبو محمد وقال الله D إن يستنكف المسيح أن يكون عبد لله ولا الملائكة المقربون فقوله D بعد ذكر المسيح ولا الملائكة المقربون بلوغ الغاية في علو درجتهم على المسيح عليه السلام لأن بنية الكلام ورتبته إنما هي إذا أراد القائل نفي صفة ما عن متواضع عنها أن يبدأ بالأدنى ثم بالأعلى وإذا أراد نفي صفة ما عن مترفع عنها أن يبدأ بالأعلى ثم بالأدنى فنقول في القسم الأول ما يطمع في الجلوس بين يدي الخليفة خازنه ولا وزيره ولا أخوه ونقول في القسم الثاني ما ينحط إلى الأكل في السوق وال ولا ذو مرتبة ولا متصاون من التجار أو الصناع لا يجوز البتة غير هذا وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد وأيضا فإن رسول الله A أخبر بأن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة من نور وخلق الإنسان من طين وخلق الجن من نار .
قال أبو محمد ولا يجهل فضل النور على الطين وعلى النار أحد إلا من لم يجعل الله له نورا ومن لم يجعل الله له نوا فما له من نور وقد صح أن رسول الله A دعا ربه في أن يجعل في قلبه نورا فالملائكة من جوهر دعا أفضل البشر ربه في أن يجعل في قلبه منه وبالله تعالى التوفيق وفي هذا كفاية لمن عقل .
قال أبو محمد وقال D ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر إلى قوله وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا فإنما فضل الله تعالى بنص كلامه D بني آدم على كثير ممن خلق لا على كل من خلق وبلا شك أن بني آدم يفضلون على الجن وعلى جميع الحيوان الصامت وعلى ما ليس حيوانا فلم يبق خلق يستثنى من تفضيل الله تعالى بني آدم عليه إلا الملائكة فقط .
قال أبو محمد وأما فضل رسول الله A على كل رسول قبله فالثابت عنه عليه السلام أنه قال فضلت على الأنبياء بست وروى بخمس وروى بأربع وروى بثلاث رواه جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وبقوله A أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنه عليه السلام بعث إلى الأحمر والأسود وأنه عليه السلام أكثر الأنبياء اتباعا وأنه ذو الشفاعة التي يحتاج إليه يوم القيامة فيها النبيون فمن دونهم أماتنا الله على ملته ولا خالف بنا عنه وهو أيضا عليه السلام خليل الله وكليمه الكلام في الفقر والغنى .
قال أبو محمد اختلف قوم في أي الأمرين أفضل الفقر أم الغنى .
قال أبو محمد وهذا سؤال فاسد لأن تفاضل العمل والجزاء في الجنة إنما هو للعامل لا لحالة محمولة فيه إلا أن يأتي نص بتفضيل الله D حالا على حال وليس ها هنا نص في فضل إحدى هاتين الحالتين على الأخرى .
قال أبو محمد وإنما الصواب أن يقال أيما أفضل الغني أم الفقير والجواب ها هنا هو ما قاله الله تعالى إذ يقول هل تجزون إلا ما كنتم تعملون فإن كان الغني أفضل عملا من الفقير فالغني أفضل وإن كان الفقير افضل عملا من الغني فالفقير أفضل وإن كان عملهما متساويا فهما سواء قال D ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره وقد استعاذ النبي A من فتنة الفقر وفتنة الغنى وجعل الله D الشكر بإزاء الغنى والصبر بإزاء الفقر فمن اتقى الله D فهو الفاضل غنيا كان أو فقيرا وقد اعترض بعضهم ها هنا بالحديث الوارد أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بكذا وكذا خريفا ونزع الآخرون بقول الله D ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى