186 - { لتبلون في أموالكم وأنفسكم } الآية قال عكرمة و مقاتل و الكلبي و ابن جريج : نزلت الآية في أبي بكر وفنحاص بن عازوراء وذلك [ أن النبي A بعث أبا بكر إلى فنحاص بن عازوراء سيد بني قينقاع ليستمده وكتب إليه كتابا وقال لأبي بكر Bه لا تفتاتن علي بشئ حتى ترجع فجاء أبو بكر Bه وهو متوشح بالسيف فأعطاه الكتاب فلما قرأه قال : قد احتاج ربك إلى أن نمده فهم أبو بكر Bه أن يضربه بالسيف ثم ذكر قول النبي A : لا تفتاتن علي بشئ حتى ترجع فكف فنزلت هذه الآية ] .
وقال الزهري : نزلت في كعب بن الأشرف فإنه كان يهجو رسول الله A ويسب المسلمين ويحرض المشركين على النبي A وأصحابه في شعره ويشبب بنساء المسلمين فقال النبي A : من لي بابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله .
فقال محمد مسلمة الأنصاري : أنا لك يارسول الله أنا أقتله قال : فافعل إن قدرت على ذلك .
فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما تعلق نفسه فذكر ذلك لرسول الله A فدعاه وقال له : لم تركت الطعام والشراب ؟ قال : يا رسول الله قلت قولا ولا أدري هل أفي به أم لا فقال : إنما عليك الجهد .
فقال : يا رسول الله إنه لابد لنا من أن نقول قال : قولوا ما بدا لكم فأنتم ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلام وأبو نائلة وكان أخا كعب من الرضاعة وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأبو عيسى بن جبير فمشى معهم رسول الله A إلى بقيع الغرقد ثم وجههم قال : انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم ثم رجع رسول الله A وذلك في ليلة مقمرة .
فاقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه فقدموا أبا نائلة فجاءة فتحدث معه ساعة وتناشدا الشعر وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال : ويحك يابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة اريد ذكرها لك فاكتم علي قال : أفعل قال : كان قدوم هذا الرجل بلادنا بلاء عادتنا العرب ورمونا عن قوس واحدة وانقطعت عنا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت الأنفس فقال كعب : انا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرتك يا بن سلامة أن الأمر سيصير إلى هذا فقال أبو نائلة : / إن معي أصحابا أردنا أن تبيعنا طعامك ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك قال : أترهنوني أبناءكم قال : إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق وهذا رهينة وسقين قال : ترهنوني نساءكم قالوا : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ولا نأمنك وأية امرأة تمتنع منك لجمالك ؟ ولكنا نرهنك الحلقة يعني : السلاح وقد علمت حاجتنا إلى السلاح قال : نعم وأراد أبو نائلة أن لا ينكر السلاح إذا رآه فوعده أن يأتيه فرجع أبو نائلة إلى أصحابه فاخبرهم خبره .
فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه ليلا فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب من ملحفته فقالت امرأته : أسمع صوتا يقطر منه الدم وإنك رجل محارب وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة فكلمهم من فوق الحصن فقال : إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة وإن هؤلاء لو وجدوني نائما ما أيقظوني وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة بليل أجاب فنزل إليهم فتحدث معهم ساعة ثم قالوا : يا بن الأشرف هل لك إلى أن نتماشى إلى شعب العجوز نتحدث فيه بقية ليلتنا هذه ؟ قال : إن شئتم ؟ فخرجوا يتماشون وكان أبو نائلة قال : لأصحابه إني فاتل شعره فاشمه فإذا رأيتموني إستمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه ثم إنه شام يده في فود رأسه ثم شم يده فقال : ما رأيت كالليلة طيب عروس قط قال : إنه طيب ام فلان يعني امرأته ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة فعاد لمثلها ثم أخذ بفودي رأسه حتى استمكن ثم قال : اضربوا عدو لله فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه نار قال فوضعته في ثندوته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته ووقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بجرح في رأسه أصابه بعض أسيافنا فخرجنا وقد أبطأ علينا صاحبنا الحرث ونزفه الدم فوقفنا له ساعة ثم اتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل كعب وجئنا برأسه إليه وتفل على جرح صاحبنا .
فرجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود وقعتنا بعدو الله فقال رسول الله A : من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود على سنينة رجل من تجار اليهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول : أي عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله .
قال محيصة : والله لو أمرني بقتلك من أمرني بقتله لضربت عنقك قال : لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني ؟ قال : نعم قال والله إن دينا بلغ بك هذا لعجب ؟ فأسلم حويصة وأنزل الله تعالى في شأن كعب : { لتبلون } لتخبرن اللام للتأكيد وفيه معنى القسم والنون لتأكيد القسم { في أموالكم } بالجوائح والعاهات والخسران { وأنفسكم } بالأمراض وقيل : بمصائب الأقارب والعشائر قال عطاء : هم المهاجرون أخذ المشركون أموالهم ورباعهم وعذبوهم وقال الحسن : هو ما فرض عليهم في أموالهم وأنفسهم من الحقوق كالصلاة والصيام والحج والجهاد والزكاة { ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } يعني : اليهود والنصارى { ومن الذين أشركوا } يعني : مشركي العرب { أذى كثيرا وإن تصبروا } على أذاهم { وتتقوا } الله { فإن ذلك من عزم الأمور } من حق الأمور وخيرها وقال عطاء : من حقيقة الإيمان