قوله D : 16 - { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } قال الكلبي ومقاتل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب فنزلت : { نحن نقص عليك أحسن القصص } ( يوسف - 3 ) فأخبرهم أن القرآن أحسن قصصا من غيره فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك فنزل : { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها } ( الزمر - 23 ) فكفوا عن سؤاله ما شاء الله ثم عادوا فقالوا : حدثنا عن التوراة فإن فيها لعجائب فنزلت هذه الآية .
فعلى هذا التأويل قوله { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } يعني في العلانية وباللسان .
وقال الآخرون نزلت في المؤمنين قال عبد الله بن مسعود : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية : { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } إلا أربع سنين .
وقال ابن عباس : إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال : { ألم يأن } ألم يحن للذين آمنوا أن تخشع : ترق وتلين وتخضع قلوبهم لذكر الله { وما نزل } قرأ نافع وحفص عن عاصم بتخفيف الزاي وقرأ الآخرون بتشديدها { من الحق } وهو القرآن { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل } وهم اليهود والنصارى { فطال عليهم الأمد } الزمان بينهم وبين أنبيائهم { فقست قلوبهم } قال ابن عباس : مالوا إلى الدنيا وأعرضوا عن مواعظ الله والمعنى أن الله D ينهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والنصارى الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر .
روي أن أبا موسى الأشعري بعث إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن فقال لهم : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فنقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم .
{ وكثير منهم فاسقون } يعني الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام