قوله D : 10 - { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن } الآية .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة يخبران عن أصحاب رسول الله A قالا : [ لما كاتب سهيل ابن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي A : أنه لا يأتيك منا أحد - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي A على ذلك فرد النبي A يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما وجاءت المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله A يومئذ مهاجرة وهي عاتق فجاء أهلها يسألون النبي A أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن : { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن } إلى { ولا هم يحلون لهن } ] .
قال عروة فأخبرتني عائشة Bها : أن رسول الله A كان يمتحنهن بهذه الآية : { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات } إلى قوله : { غفور رحيم } .
قال عروة : قالت عائشة Bها : فمن أقرت بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله A قد بايعتك كلاما يكلمها به والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله .
قال ابن عباس : أقبل رسول الله A معتمرا حتى إذا كان بالحديبية صالحه مشركو مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله A لم يردوه إليه وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم - وقال مقاتل : هو صيفي بن الراهب - في طلبها وكان كافرا فقال : يا محمد رد علي امرأتي فإنك قد شرطت أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طية الكتاب لم تجف بعد فأنزل الله D : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } من دار الكفر إلى دار الإسلام { فامتحنوهن } .
قال ابن عباس : امتحانها : أن تستحلف ما خرجت لبغض زوجها ولا عشقا لرجل من المسلمين ولا رغبة عن أرض إلى أرض ولا لحدث أحدثته ولا لالتماس دنيا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله .
قال : فاستحلفها رسول الله A على ذلك فحلفت فلم يردها وأعطى زوجها مهرها وما أنفق عليها فتزوجها عمر بن الخطاب Bه وكان يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان ويعطي أزواجهن مهورهن .
{ الله أعلم بإيمانهن } أي هذا الامتحان لكم والله أعلم بهن { فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } ما أحل الله مؤمنة لكافر { وآتوهم } يعني أزواجهن الكفار { ما أنفقوا } عليهن يعني المهر الذي دفعوا إليهن { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن } أي مهورهن أباح الله نكاحهن للمسلمين وإن كان لهن أزواج في دار الكفر لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفار { ولا تمسكوا } قرأ أبو عمرو ويعقوب : بالتشديد والآخرون : بالتخفيف من الإمساك { بعصم الكوافر } والعصم : جمع العصمة وهي ما يعتصم به من العقد والنسب والكوافر : جمع الكافرة .
نهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات يقول : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتد بها فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما .
قال الزهري : فلما نزلت هذه الآية طلق عمر بن الخطاب Bه امرأتين كانتا له بمكة مشركتين : قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت / عمرو بن جرول الخزاعية أم ابنه عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم وهما على شركهما وكانت أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب تحت طلحة بن عبيد الله فهاجر طلحة وهي بمكة على دين قومها ففرق الإسلام بينهما فتزوجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية .
قال الشعبي : وكانت زينب بنت رسول الله A امرأة أبي العاص بن الربيع أسلمت ولحقت بالنبي A وأقام أبو العاص بمكة مشركا ثم أتى المدينة فأسلم فردها عليه رسول الله A .
{ واسألوا } أيها المؤمنون { ما أنفقتم } أي : إن لحقت امرأة منكم بالمشركين مرتدة فاسألوا ما أنفقتم من المهر إذا منعوها ممن تزوجها منهم { وليسألوا } يعني : المشركين الذين لحقت أزواجهم بكم { ما أنفقوا } من المهر ممن تزوجها منكم { ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم } قال الزهري : لولا الهدنة والعهد الذي كان بين رسول الله A وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يرد الصداق وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد