قوله D 11 - { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما } الآية أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا حفص بن عمر حدثنا خالد بن عبد الله أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال : أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي A فثار الناس إلا اثني عشر رجلا فأنزل الله : { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها } .
ويحتج بهاذ الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلا وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة لاشتراط هذا العدد وقال ابن عباس في رواية الكلبي : لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط .
وقال الحسن وأبو مالك : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة الكلبي بتجارة زيت من الشام والنبي A يخطب يوم الجمعة فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه فلم يبق مع النبي A إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية فقال رسول الله A : [ والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي نارا ] .
وقال مقاتل : بينا / رسول الله A يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبر وغيره فينزل عند أحجار الزيت وهو مكان في سوق المدينة ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يسلم ورسول الله A قائم على المنبر يخطب فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلا وامرأة فقال النبي A : كم بقي في المسجد ؟ فقالوا : اثنا عشر رجلا وامرأة فقال النبي A : لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء فأنزل الله هذه الآية وأراد باللهو الطبل .
وقيل : كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق .
وقوله : { انفضوا إليها } رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم وقال علقمة : سئل عبد الله بن عمر : أكان النبي A يخطب قائما أو قاعدا ؟ قال : أما تقرأ { وتركوك قائما } .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله : كان النبي A يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أخبرنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال : [ كانت للنبي A خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس ] .
وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال : [ كنت أصلي مع النبي A فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا ] .
والخطبة فريضة في صلاة الجمعة ويجب أن يخطب قائما خطبتين وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة : أن يحمد الله ويصلي على النبي A ويوصي بتقوى الله هذه الثلاثة فرض في الخطبتين جميعا ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن ويدعو للمؤمنين في الثانية فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي وذهب أبو حنيفة Bه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه .
وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة وهو مأمور بالخطبة .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أخبرنا عبد الله بن يوسف بن محمد بن مامويه أخبرنا أبو سعيد أحمد من محمد بن زياد البصري بمكة حدثنا الحسن بن الصباح الزعفراني حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة فصلى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية : { إذا جاءك المنافقون } ( المنافقون - 1 ) فقال عبيد الله : فلما انصرفنا مشيت إلى جنبه فقلت له : لقد قرأت بسورتين سمعت علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة ؟ فقال سمعت النبي A يقرأ بهما .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [ أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله A يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة ؟ فقال : كان يقرأ بـ { هل أتاك حديث الغاشية } ] .
أخبرنا أبو عثمان الضبي أخبرنا أبو محمد الجراحي حدثنا أبو العباس المحبوبي حدثنا أبو عيسى حدثنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال : [ كان النبي A يقرأ في العيدين وفي الجمعة { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } وربما اجتمع في يوم واحد فيقرأ بهما ] .
ولجواز الجمعة خمس شرائط : الوقت وهو : وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر والعدد والإمام والخطبة ودار الإقامة فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهرا .
ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد وهو عدد الأربعين عند الشافعي فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انتقص واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة بل يصلي الظهر ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضوا فأصح أقوال الشافعي : أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة فلو انتقص واحد منهم قبل أن يسلم الإمام يجب على الباقين أن يصلوها أربعا وفيه قول آخر : إن بقي معه اثنان أتمها جمعة وقيل : إن بقي معه واحد أتمها جمعة وعند المزني إن نقصوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى يتمها أربعا وإن انتقص من العدد واحد وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي شرطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعا .
قوله D : { قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة } أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي A خير من اللهو ومن التجارة { والله خير الرازقين } لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا