سورة المائدة .
مائة وعشرون آية نزلت بالمدينة كلها إلا قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم } الآية فإنها نزلت بعرفات .
بسم الله الرحمن الرحيم .
روي عن أبي ميسرة قال : أنزل الله تعالى في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزلها في غيرها قوله : { والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام } { وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن } { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } وتمام الطهور في قوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة } { والسارق والسارقة } { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } الآية { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } وقوله : { شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت } .
1 - قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } أي بالعهود قال الزجاج : هي أوكد العهود يقال : عاقدت فلانا وعقدت عليه أي : ألزمته ذلك باستيثاق وأصله من عقد الشيء بغيرة ووصله به كما يعقد الحبل بالحبل [ إذا وصل ] .
واختلفوا في هذه العقود قال ابن جريج : هذا خطاب لأهل الكتاب يعني : يا أيها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة أوفوا بالعهود التي عهدتها إليكم في شأن محمد A وهو قوله : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس } ( سورة آل عمران 187 ) .
وقال الآخرون : هو عام وقال قتادة : أراد بها الحلف الذين تعاقدو عليه في الجاهلية وقال ابن مسعود Bه : هي عهود الأبمان والقرآن هي العقود التي يتعاقدها الناس بينهم .
{ أحلت لكم بهيمة الأنعام } قال / الحسن و قتادة : هي الأنعام كلها وهي الأبل والبقر والغنم وأراد تحليل ما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام .
وروى أبوظبيان عن ابن عباس Bهما قال : بهيمة الأنعام هي الأجنة ومثله عن الشعبي قال : هي الأجنة التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت أو نحرت ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله .
[ قال الشيخ الأمام ] : قرأت على أبي عبد الله محمد بن الفضل الخرقي فقلت : قرىء على أبي سهل محمد بن عمر بن طرفة وأنت حاضر فقيل له : حدثكم أبو سليمان الخطابي أنا أبو بكر ابن داسة أنا أبو داود السجستاني أنا مسدد أنا هشيم عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري Bهم قال قلنا : [ يا رسول الله ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله ؟ فقال : كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه ] وروى أبو الزبير عن جابر عن الرسول الله A قال : [ ذكاة الجنين ذكاة أمة ] .
وشرط بعضهم الإشعار قال ابن عمر : ذكاة ما في يطنها في ذكاتها إذا تم خلقه ونبت شعره ومثله عن السعيد بن المسيب .
وعند أبي حنيفة Bه لا يحل أكل الجنين إذا خرج ميتا بعد ذكاة الأم .
وقال الكلبي : بهيمة الأنعام : وحشيها وهي الظباء وبقر الوحش سميت بهيمة لأنها أبهمت عن التمييز وقيل : لأنها لا نطق لها .
{ إلا ما يتلى عليكم } أي : ما ذكر في قوله { حرمت عليكم الميتة } إلى قوله { : وما ذبح على النصب } { غير محلي الصيد } وهو نصب على الحال أي : لا محلي الصيد ومعنى الآية : أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام فذلك قولة تعالى : { وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد }