لا يطلع عليه أحد من خلقه كما استأثر بعلم الساعة ووقت طلوع الشمس من مغربها ونحو ذلك والخلق متعبدون بالإيمان به ومتعبدون بالمحكم بالإيمان به وبالعمل به وقيل غير ذلك ثم أعلم أنه حق على اللبيب المعتصم بكتاب الله وسنة رسول الله والمتمسك بالعروة الوثقى أن يثبت الله عزوجل ما قضى العقل بجوازه ونص الشرع على ثبوته فإن المشبهة أثبتوا لله ما لم يأذن فيه بل نهى عنه وهي زيغة سامرية ويهودية والمعطلة سلبوه ما اتصف به وسفهوه ولقد أحسن أبو الحسن الأشعري في جوابه عن التوحيد حيث قال إثبات ذات غير مشبهة بالذوات ولا معطلة عن الصفات .
الله أكبر أن يكون لذاته ... كيفية كذوات مخلوقاته .
أو أن تقاس صفاتنا في كل ما ... نأتيه من أفعالنا بصفاته .
أبدا عقول ذوي العقول بأسرها ... متحيرات في دوام حياته .
لبديع صنعته عليه شواهد ... تبدو على صفحات مصنوعاته .
فكل ما ترى عينك الباصرة فهو دلائل ظاهرة على العالم مخلوق بتقدير شامل وتدبير كامل وحكمة بالغة وقدرة غير متناهية ولو جمعت عقول العقلاء عقلا واحدا ثم تفكروا بذلك العقل في جناح بعوضة حتى يجدوا تركيبا أحسن منه وأكمل لفنيت تلك العقول وانقطعت تلك الأفكار ولم تصل إلى درك ذرة من ذرات حكمته في تلك البعوضة على سبيل الكمال والتمام فما الظن بذي الجلال تبا ثم تبا لأهل الضلال والجهل وما اعتقدوه من النقص مع تنزيه البحار وشوامخ الجبال فسبحان من تسبحه البحار والطوافح والجبال الشم والسحب السوائح والأمطار الطومح والأفكار والقرائح تقدس عن مثل وشبيه وتنزه عن نقص يعتريه .
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور من سر أضمرته الجوانح تعالى عن الند المماثل والضد المكارح .
يفعل ما يشاء .
ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن هلك الجاهل والمكافح متكلم بكلام مسموع بالآذان بغير آلات ولا أدوات ولا جوارح أين لهوات الحصى وحلقوم الجذع وجارحتهما