يرتمى إلى أنه لا جسم إلا في مكان بناء على الشاهد وإن شهد العقل بأن العالم لا في مكان لكون البرهان قد دل على نهايته بل وقد يشتد وهم بعض الناس بحيث يقضى به على العقل وذلك كمن ينفر عن المبيت في بيت فيه ميت لتوهمه أنه يتحرك أو يقوم وان كان عقله يقضى بانتقاء ذلك فإذا اللبيب من ترك الوهم جانبا ولم يتخذ غير البرهان والدليل صاحبا وإذا عرف أن مستند ذلك ليس إلا مجرد الوهم فطريق كشف الخيال إنما هو بالنظر في البرهان فإنا قد بينا أنه لا بد من موجود هو مبدأ الكائنات وبينا أنه لا جائز أن يكون له مثل من الموجودات شاهدا ولا غائبا ومع تسليم هاتين القاعدتين يتبين أن ما يفضى به الوهم لا حاصل له ثم ولو لزم أن يكون جسما كما في الشاهد للزم أن يكون حادثا كما في الشاهد وهو ممتنع لما سبق .
وليس هو أيضا عرضا وإلا لافتقر إلى مقوم يقومه في وجوده إذ العرض لا معنى له إلا ما وجوده في موضوع وذلك أيضا محال ولا يتطرق إليه العدم لا سابقا ولا لاحقا وإلا كان باعتبار ذاته ممكنا ولو كان ممكنا لافتقر في وجوده إلى مرجح كما مضى .
فإذا قد ثبت أن البارى تعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا محدث