يدل على وحدة الأمة الإسلاميّة، وإمكان توحيدها في كلّ زمان ومكان، ما دام المصدران الأصليان وهما الكتاب والسنة أساس التشريع. والخلاف الفقهي بين هذه المذاهب ليس خلافا جوهرياً يمنع من إمكان التلاقي، وإنّما هو خلاف في الفروع التي لا تضر، ما دام منشؤها الاجتهاد. والأسس والمصادر الاجتهادية المشتركة ـ كما تقدم ـ كثيرة وواضحة، كلّ ما في الأمر الاختلاف في العناوين والأسماء أما في الواقع أو النتيجة فالكل يؤيد بعضهم بعضا من حيث لا يدري، والعبرة عادة بالنتائج. وقد تبين لدينا أن العقل المصدر الثالث عند الشيعة الإمامية يوازي المقرر عند فقهاء السنة من المصادر التبعية للتشريع التي هي في الواقع قواعد كلية ولا تصلح أدلة مستقلة في مواجهة الكتاب والسنة. ويلاحظ أن بعض المصادر الأصلية والمصادر التبعية قسمان؛ قسم يعتمد على النقل وهو مذهب الصحابي وشرع من قبلنا والعرف، وقسم يعتمد على العقل وهو القياس وهو مذهب الصحابي وشرع من قبلنا والعرف، وقسم يعتمد على العقل وهو القياس والاستحسان والاستصلاح وسد الذرائع والاستصحاب. أما الإجماع فالسابق منه يعتمد على النقل عن المجمعين، والإجماع الذي يراد عقده يعتمد على العقل والنقل معا؛ لأنه يحتاج إلى معرفة مستند الإجماع، وبذل أقصى الجهد في تتبع كلّ ما له صلة بالمسألة التي يراد الإجماع عليها. ولم أتحدث عن مجال البراءة الأصلية(وهو استواء الفعل والترك في حكم الشريعة) وما قد يلجأ إليه فقهاً من القرعة والاستخارة، كما لم أتحدث عن الاحتياط الشرعي والعقلي، لقلة الكلام والخلاف في شأنهما.