مداولات تعليمية عادل علي الامير يمثل الاسلام العامل الرئيسي الأكبر في قوة المجتمع الإسلامي في فترات تفوقه، كما تمثل الحالة الراهنة التي تمر بها الامة الإسلامية وضعا من اكثر الأوضاع التي مر بها هذا المجتمع حراجة. وهو دون أدنى شك بحاجة ملحة لاستحضار كل مالدى المجتمعات الإسلامية من أدوات بناء وفي مقدمتها القراءة النقدية الواعية للماضي والحاضر ومعالجة مواطن الخلل بكل ما تتطلبه من حكمة وعدل واستشراق لمستقبل بالتخطيط العلمي البصير وتفعيل مايتبعه من متطلبات الإدارة الناضجة واستنهاض الارادة وكل عوامل الثقة والواقعية وقبل ذلك توحيد الكلمة في ظل الحوار والدفع بالتي هي أحسن واستثارة المواهب بكل أسبابها وفي مقدمتها المشاركة. ولعل من أهم ما ينبغي عمله في هذا الصدد ويستحق أن يخصص له من ميزانياتنا نسبا أكبر من النسب التي تخصص للتسلح – فهو من أبجديات الدفاع عن الانفس والأوطان والمقدرات – معالجة وتطوير النظام التعليمي ضمن برنامج المعالجة والتطوير والإصلاح العملي الشامل، ولا حاجة هنا للتدليل على أهمية التعليم في صيانة وتقدم الأمم فهو أمر أصبح لشدة وضوحه من أبجديات فهم الحياة. ولست أدعي أن تناول قضية حيوية بحجم قضية التعليم أمر ممكن من خلال أو كتاب لذا أحببت أن أشير في مقالي هذا الى بعض الملاحظات أو الاشكاليات التعليمية ذات العلاقة ببعضها والتي تستحق التداول والمعالجة وكلي أمل أن اوفق في استثارة المهمتين بهذا الشأن للاسهام ولو على صعيد الفكرة والتنظير: الأولى: الفجوة الواضحة بين كثير من دارسينا وبين مفردات نظمنا التعليمية بل بينهم وبين النظم التعليمية ككل والتي تظهر من خلال تعاطيهم معها ومشاعرهم تجاهها، وأعتقد أن تجربة الاعلان عن حرية خروج الطلاب من المدراس في أي ساعة من ساعات اليوم الدراسي من دون اتخاذ أي عقوبة كفيل برسم معالم تلك الفجوة التي اسير اليها، وأحسب أن حب الانسان لما يتعاطاه كما تصرح النصوص الشريفة وتنطق التجارب ويؤكد الواقع من أهم عوامل تشكيل إبداع الانسان في المجال الذي شغف به حبا وخصوصا مجال التعلم الذي فطرت النفس البشرية على حبه، فما الذي حرف هذا الأمر الفطري؟ أهي البيئة التعليمية لدينا أم طرق ممارسة التعليم ، أم تراها المناهج التي تعتمد التلقين في وقت نحن أحوج مانكون فيه الى تعلم ممارسة التفكير والحوار والسلم الاجتماعي ولو في ظل الإختلاف، أم هي مجموعة عوامل متشابكة يتطلب الاصلاح اكتشافها ومعالجتها لتصبح النظم التعليمية في المجتمعات الاسلامية أقدر على تحقيق الأهداف التي يفترض أنها وضعت لتحقيقها. الثانية: م اأم مما قضية المعلم الذي هو قطب رحى العملية التعليمية والمحرك الأساسي خلالها في مصنع العقول البشرية والابداع في جميع التخصصات. وأقصد بقضية المعلم اختياره وإعداده وأدانه ومن ثم تشكيل النظرة له والتفاعل معه ولست أبالغ إن قلت أن النظام التعليمي القادر على انتشال المجتمعات الإسلامية من كبوتها هو النظام الذي يقدم ضمن مايقدمه معلما ينظر اليه مجتمعه نظرة لا تقل عن نظرتهم لأكبر صناع القرار فيه على الأقل وهذا لن يأتي بالطبع من فراغ أو عند تحويل مهنة المعلم الى مهنة من لا مهنة له، بل من خلال الاختيار الدقيق لصاحب الاستعداد المؤمن بالرسالة التي سيضطلع بها بل العاشق لها المستعد للتضحية من أجلها، وعملية الاختيار هذه ينبغي أن تبنى على توفر شروط هي في حدها الأدنى أصعب من الشروط التي يختار على أساسها طالب الطب أ والهندسة، ومن ثم الإعداد الراقي والمتطور والمستمر. الثالثة: قضية التكامل التعليمي بين المجتمعات الإسلامية، فكما أن حاجة سوق العمل من أهم المحددات التي ينبغي مراعاتها عند التخطيط لما ينبغي أن تكون عليه مخرجات النظام التعليمي فيما يتعلق بالتخصصات وغيرها في مجتمع ما، فإن الخبرة والاستعداد العام والمناخ الثقافي وتحقق الظروف الموضوعية ينبغي أن يكون محددا آخر يحقق من خلاله كل مجتمع إسلامي التركيز ومن ثم الابداع فيما لديه من تخصصات، والارتباط التعليمي بالمجتمعات الإسلامية الأخرى التي تميزت في تخصصات مهمة أخرى الأمر الذي جعل رموز وصروح الحركة العلمية الإسلامية في زمن تفوقها اكبر من أن تحجم وتحد ببقعة جغرافية معنية ويحقق بشكل تلقائي بعض مقومات الوحدة الاسلامية المؤملة.