ومن الأعمال المستحبّة في هذه الليالي: أنْ يصلّي الإنسان ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة بعد: (سورة الحمد) و (قل هو الله أحد)، الآية: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين) ([65]) ([66]). ولعلّ الليالي العشر التي امتُحن بها بنو إسرائيل قبل أنْ يأتيهم موسى (عليه السلام) بالألواح هي هذه الليالي. وعلى أيّ حال، فهي ليال شريفة مباركة كلّها تربية وامتحان، وربّما ذكَّرت بذلك الامتحان التاريخيّ لقوم موسى (عليه السلام)، وقد أقسم بهذه الليالي القرآن ـ على تفسير ([67]) ـ نظراً لعظمتها وأهميّتها. ثمّ نفس اقتران هذا الزمان دائماً بعمليّة الحجّ، ووقوع اليوم المبارك (يوم عرفة) فيه، ووجود الكثير من المستحبّات في هذا الزمان، كلّ ذلك يعطي هذه الفترة قداسة وقدرة على فتح آفاق النفس، ويوفّر الأرضيّة الصالحة للتربية الإنسانية. أمّا من حيث الأمكنة فحدّث ولا حرج، فكلّ حجارة في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ـ بالتبع ـ تنبئك عن تاريخ وذكريات جمّة تشدّ الإنسان بأروع ذكريات ثلاث: الأُولى: ذكرى العائلة الإبراهيميّة المضحّية المسلمة: فهنا مقام إبراهيم (عليه السلام)، وهنا حِجر إسماعيل (عليه السلام)، وهناك مسعى اُمّ إسماعيل (عليها السلام)، وها هنا محلّ رمي الشيطان، وهناك محلّ الفداء، وهنا زمزم بئر البركة الإبراهيميّة. وعندما يطالع الحاجّ هذه الصحف التاريخيّة يقرأ كلَّ معاني الفداء والإخلاص والإسلام والتضحية، وترتسم في خُلده صورة: * الشيخ العجوز الذي رُزِق ولداً بعد يأس وهو يترك الولد واُمَّه في صحراء غير