الإنسان الكبير. وقد جاءت روايات تؤكّد التوافق الطبيعي بين الإنسان والطبيعة في عمليّة الحجّ، بل في كلِّ المسيرة الحياتيّة. روى أبو حميد الساعدي قال: أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غزوة تبوك، حتّى إذا أشرفنا على المدينة قال: «هذه طابة، وهذا اُحُد، جبلٌ يُحبُّنا ونُحبُّه» ([98]). وروى ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أحرم موسى (عليه السلام) من رملة مصر، قال: ومرَّ بصفاح الرّوحاء محرماً يقود ناقته بخطام من ليف، عليه عباءتان قطوانيّتان، يُلبّي وتجيبه الجبال» ([99]). وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما من مهلٍّ يهلُّ بالتلبية إلاّ أهلّ من عن يمينه من شيء إلى مقطع التراب، ومن عن يساره إلى مقطع التراب، وقال له الملكان: أبشر يا عبد الله، وما يبشّر الله عبداً إلاّ بالجنّة» ([100]). وإنّ هذه المعاني لها أثرها في بلورة نظرة الإنسان إلى الكون والحياة، وتُذكّرهُ بأنّ الكون معه إنْ سار في خطّ الأنبياء (عليهم السلام)، وراح يحقّق مقتضيات الخلافة الإلهيّة في الأرض، ويبني المجتمع العابد المسلم. القسم الثاني: في فضائل الحجّ… كانت هذه بعض ما يمكن تصوّره من آثار سياسيّة واجتماعيّة لهاتين الخصيصتين التشريعيّتين، وربّما كانت هناك آثارٌ كبيرة اُخَر لم نوفَّق للإشارة إليها.