بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين. غير خفي أن التراث الخالد والأصيل من السنّة النبوية في مجموعه قد تجلّى في قالبين فخمين تبنّته مدرستان رئيسيتان: المدرسة الشيعية، والمدرسة السنّية، والتي اختصّت كلٌّ منهما ببعض التعاريف والموازين في مضمار معرفة الروايات، وتشخيص الصحيح منها عن غيره، وتمحيص سنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفق أساليب مبتكرة لديها. وبذلك استخلصت مقادير من الحديث النبوي من مجموع الحديث المنقول ممّا أُضيف إلى السنّة الشريفة، فصارت بذلك مورد اطمئنان لدى كلّ من اتباع المدرستين. ومن الملاحَظ أنّ هناك مجموعة كبيرة منها مشتركة لفظاً أو معنىً بينهما، وهي جملة الروايات التي تتناقلها المدرستان معاً، وتميلان إليها سوياً. وممّا يعزّز مكانتها أكثر هو ما توجبه من اطمئنان متزايد بسبب ما تتّصف به من صفة الاشتراك والاتفاق على صحّتها، ممّا يعطي انطباعين طيّبين ينعكس أثرهما على جانبين مهمّين على هذا الصعيد: علمي وحياتي. الأول: تسليط الأضواء على السنن القطعية للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ممّا يوسّع من حرّية الاستفادة منها كأدلّة للأحكام الشرعية، وخاصّة تلك الروايات التي توجب ضرباً من الاطمئنان إليها، فتضحى مورد قبول الفريقين معاً. الثاني: جذب الأنظار باتّجاه نقطة مضيئة يمكن أن تكون مؤشّراً تاريخياً حسناً، يصوّر مدى عمق الروابط المتينة بين أتباع المدرستين، في نقل وتدوين الروايات الصحيحة على