إلى أولئك الطاهرين الذين شكّلوا مدرسةً تنادي بالعلم والحكمة والعمل الصالح، فكانوا امتداداً لحركة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوة مسدّدة إلى دينه القويم. إنّ هذا الانتماء الذي جسّده الأبناء والأحفاد في سلوكياتهم ومواقفهم المتعدّدة، وطرق تعاملهم مع الناس وعلاقتهم بهم، لدرجة أن صار يُعرفون بأهل البيت أنفسهم، كما هو الحال بإتباعهم وشيعتهم الذين مثّلوا مدرسة أهل البيت، ونشروها في أطراف الأرض، بعد ما جسّدوا مبادئها وقيمها حقيقةً، صاروا يُعرفون بهم ويقرنون بأسمائهم وتاريخهم. وليس من شكّ إذا ما تأمّلت الأمة مواقف وسلوك هؤلاء الأبناء وأبنائهم من بعدهم، فسوف تعود إلى وعيها الذي كادت تفقده، وتتوجّه إلى تراثها الغزير الذي أهملته، فتستمدّ منه أروع الأمثال والحكم من أجل بناء حياة أفضل لأجيالها المتعاقبة، وتأسيس مستقبل زاهر لها. والسؤال هنا: تُرى كيف صاروا كذلك ؟ وكيف بلغوا بها حتّى ارتقوا هذه المنزلة الرفيعة ؟ خصائص رفيعة: لقد اتّسمت مدرسة أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدّة خصائص رفيعة وبارزة، إلى حدّ جعلتها ترتفع عن جميع المدارس الإلهية ـ فضلا عن الوضعية ـ التي كُتب لها الوجود على سطح البسيطة، وتبلغ منزلةً سامية دقّت سنام الخلود، لدرجة أن لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يتغافل عن دورها الكبير في نمو وتطوير حركة المجتمع الإسلامي على كافة الأصعدة، أو يخفي أثرهم في الحفاظ على كيان الأمة ووحدتها في جميع الأطوار التاريخية التي مرّت بها. ورغم أنّ حركة هذه المدرسة قد واجهت عقبات كثيرة ومختلفة في أغلب مراحل مسيرتها التاريخية، و تخلّلتها في بعض الأحايين القسوة المفرطة والمواجهة الشرسة التي مارستها أطراف متباينة، إلاّ أنّها قد واصلت طريقها بكلّ قوة وثبات، متجاوزة كلّ العقبات المعترضة، غير عابئة بكلّ الإجراءات، منجزة وعدها في تقديم الخدمات الجليلة للأمة على كافة الأصعدة، ونصرة الدين والرسالة المحمدية الأصيلة في جميع الميادين.