والردّ على ذلك: أنّ قوله تعالى:(وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس) محمول على المعهود المتعارف، وكرامات الأولياء أحوال نادرة، فتصير كالمستثناة من ذلك العموم. (4) وقالوا: إنّ هذا الولىّ الذي تظهر عليه الكرامات إذا ادّعى على إنسان درهماً، فهل نطالبه بالبيّنة أو لا ؟ فإن طالبناه بالبيّنة كان عبثاً ; لأنّ ظهور الكرامات عليه يدلّ على أنّه لا يكذب، ومع قيام الدليل القاطع كيف يُطلب الدليل الظنّي ؟ وإن لم نطالبه بها فقد تركنا قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «البيّنة على من ادّعى، واليمين على من أنكر»([415])، فهذا يدلّ على أنّ القول بالكرامة باطل. والردّ على البند الثالث فيه الكفاية للردّ أيضاً على هذا البند. (5) إذا جاز ظهور الكرامة على بعض الأولياء جاز ظهورها على الباقين، فإذا كثرت الكرامات حتّى خرقت العادة، جرت وفقاً للعادة، وذلك يقدح في المعجزة والكرامة. والردّ على ذلك: أنّ المطيعين فيهم قلّة، كما قال تعالى:(وقليل من عبادي الشكور)([416]) وكما قال إبليس:(ولا تجد أكثرهم شاكرين)([417]) وإذا حصلت القلّة فيهم لم يكن ما يظهر عليهم من الكرامات في الأوقات النادرة قادحاً في كونها على خلاف العادة. سبعة أولياء في مصر لهم الكرامة: قيل: إنّ في مصر سبعة أولياء لهم التصرّف، ومنهم: السيّدة نفيسة رضي الله عنها، والسيّد البدوي، وإمامنا الشافعي، وقد أكرمهم الله تعالى، وأظهر خارق العادات لمن يتوسّل بواحد منهم في أيّ شيء من الأشياء التي تكون كرامةً للولىّ.