وأبناءه وأولاد عشيرته ومحبّيه قرابين من أجل بقاء الرسالة، وطلب الإصلاح لأُمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وداومت الحركة الإلهية في جريانها فيما بعد الحسين (عليه السلام) من أولاده الطيّبين الطاهرين، وأولاد أخيه الحسن (عليه السلام) الأزكياء المهديّين. الركن الوثيق: لقد اكتسبت مواقف أهل البيت بُعداً ربانياً في هذه الأمة، جعلت تتوجّه إليها الأنظار، ويلتجأ إليها أفراد الأمة في الأزمات والمحن، لأنّهم لم يروا غير أهل البيت الركن الوثيق من مجموع هذه الأمة الكبيرة. فقد التجأت إليهم الأمة إبّان واقعة الحرّة الرهيبة، واصطفّ على باب دار الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) طابور من العائلات المستغيثة به، والآلاف من النساء المروّعة والخائفة، ومن بين هذه الألوف أربعمائة عائلة من بني عبد مناف، كان من بينها عائلة مروان بن الحكم وزوجته عائشة بنت عثمان ابن عفّان، ليأمنوا من استباحة المهاجمين لهم، وهتكهم لأعراض الناس فيها بالجملة([16]). وهذا الامتداد الطبيعي لأخلاق وسلوك أهل البيت، والحشد الهائل من المواقف التي سجّلها لهم التاريخ ووثّقها، إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على شمولية منهج أهل البيت وأصالة أخلاقهم وتربيتهم الفذّة، بحيث انصبّت حاجات جميع أفراد الأمة إليهم، ولم يطلبوا ولو مرة واحدة حاجةً من أحد. وذلك لأنّ الامتداد ناشئ عن حركة الإسلام الصحيح، وإدامة لمسيره التاريخي الكبير، وهو بعد هذا وذاك إفراز طبيعي وخالص للوجود الإسلامي على سطح هذا الكوكب الصغير. وهذا ما جعل حركة أهل البيت الفكرية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية تمثلّ الدور التكاملي لحركة السنّة النبوية المطهّرة من جهتين: الأولى: حماية السنّة القطعية المطهّرة، وحفظها من عمليات التحريف والتغيير التي تقوم بها أيادي المكر والعبث.