طاقته ولكل حسب عمله). أما الشيوعية فتحتفظ بمحو الطبقية ولكنها تحرر المجتمع من أي حكومة ولا تكتفي بالتأميم وإنّما تلغى الملكية الخاصة حتى لوسائل الإنتاج الفردية التي لا تستثمر عن طريق العمال المستأجرين وكذلك ملكية بضائع الاستهلاك، وأخيراً تركز الشيوعية على قاعدة (من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته). ما هو الدليل الأساسي لهذا المذهب؟ لا ريب في أن الماركسية لا تستدل لمذهبها بالقيم الأخلاقية الداعية للمساواة كما يفعل الاشتراكيون الآخرون ذلك لأن هذه القيم هي وليدة الوضع الاقتصادي ـ في رأيها ـ وإنّما تستند إلى قوانين المادية التاريخية التي تفرض هذا المذهب من خلال تناقضات المجتمع الرأسمالي ـ التي ذكرناها في الفصل الماضي ـ وقد عرفنا في ما مضى بطلان نظرية المادية التاريخية، وفشل الماركسية في تحليلاتها لتناقضات الرأسمالية. ولكن حتى لو قبلنا بتلك التناقضات فإنها لا تبرهن على أن الحل الوحيد لها هو الاشتراكية الماركسية بل هناك مجال لحلول أُخرى كاشتراكية الدولة أو الاقتصاد الذي يعترف بأشكال متعددة للملكية أو إعادة توزيع الثروة على المواطنين مع الاعتراف بالملكية الخاصة وغير ذلك وبهذا تفقد الماركسية المذهبية طابع الضرورة التاريخية وتبقى مجرد فكرة مقترحة كغيرها من الأفكار الاشتراكية. الاشتراكية: ولندرس أركانها بشيء من التفصيل: الركن الأول: محو الطبقية: فقد آمنت الماركسية بأن العامل الاقتصادي هو الوحيد المؤثر في حياة المجتمع مما أدى بها للتأكيد على إن حالة الملكية الخاصة وانقسام الناس إلى مالكين وفاقدين هي أساس التركيب الطبقي وصراعاته فإذا ألغيت الملكية في مجتمع اشتراكي استحالت الطبقية ولكنا رأينا في الفصول السابقة أن هناك أسساً تاريخية أُخرى للتركيب الطبقي مثل السياسة والدين والعسكرية فليس اختفاء الطبقية في المجتمع الاشتراكي حتمياً. على أنا لو ركّزنا على مبدأ التوزيع الاشتراكي (من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله) وجدنا إنه يؤدي ـ كما أدى فعلا ـ إلى خلق الطبقية من جديد. فنحن نعلم أن الطبقة الكادحة لا يعقل أن تشرف بمجموعها على قيادة الثورة وإنّما يمثلها جماعة أسماها لينين (الثوريين المحترفين) لها خصائص فكرية وثورية وحزبية خاصة وقد شكل هؤلاء بذرة لأفظع طبقية في التاريخ لأنهم استلموا السلطة باسم ديكتاتورية البروليتاريا وتصفية حسابات الرأسمالية. يقول لينين: «في المرحلة الراهنة من الحرب الأهلية الحادة لا يمكن لحزب شيوعي أن يقدر