الدرس الخامس والعشرون الحرية الاقتصادية مبانيها وحدودها في الإسلام 1ـ مقــدمة لأريب ان الدوافع نحو الحرية في السلوك تنبع من الذات الإنسانية، والفطرة التي أودعها الله تعالى في الطينة الإنسانية، فهي تعبر اصدق تعبير عن الذات الإنسانية باعتبار ان الذات المقيدة تفقد أصالتها في الواقع، فإذا كان حب الذات أصيلا في الإنسان فان الميل للحرية في كل سلوك أمر مطلوب بالطبيعة. وإذا كنا قد عرفنا من خلال الاستقراء المستفيض ـ من جهة ـ ومن خلال الإيمان المسبق بان الهداية التكوينية قد أودعت في الفطرة الكثير من العناصر اللازمة والإمكانات الضرورية للسير المستوي نحو هدف الخلقة الإنسانية الكبير (وهو التقرب الدائم إلى الكمال المطلق)ـ من جهة أُخرى ـ فإننا ندرك ان الحرية تشكل أصلاً أصيلا في السلوك الإنساني، وانه لا غنى لأي مذهب يرتبط بالسلوك عن الإيمان الأولي بها إذا أراد لنفسه ان ينسجم مع الفطرة، أو ادعى لتعاليمه الصفة الإنسانية العامة. إلاّ اننا نجد الوجدان الفطري نفسه يقضي بلزوم توجيه هذه الحرية وتحديدها بالصراط السوي لئلا تنقلب على هدفها التكاملي، وتتحول إلى عقبة كأداء بدلا من كونها جوا صالحا للمسيرة... فان وجود عنصري (التعقل، والإرادة) بنفسيهما كجزئين من أجزاء الفطرة يوحيان بلزوم هذا التحديد والتوجيه الصحيح حيث يشكل العنصر الأول العين البصيرة للواقع وملابساته