وثانياً: والأخطر من ذلك أن النقد أصبح أداة تنمية للمال عن طريق الفائدة التي يتقاضاها الدائن من المدين أو المصرف من المودع فانسحبت رؤوس أموال كثيرة من حقل الإنتاج إلى صناديق الادخار في المصارف ولا يقدم التاجر على مشروع إنتاجي إلاّ إذا اطمأن إلى أن الربح الذي يدره أكثر من القائده الربوية وبهذا تسربت الأموال إلى الصيارفة وأودعت في الصناديق بدل من استخدامها في الإنتاج المثمر وقضت بهذا على أي مظهر من مظاهر التوازن في الحياة الاقتصادية. وقد عالج الإسلام مشاكل النقد واستطاع ان يعيد إلى التداول وضعه الطبيعي ودوره الوسيط بين الإنتاج والاستهلاك، ويتلخص علاجه فيما يلي: أولا: منع اكتناز النقد بفرض ضريبة الزكاة على النقد المجمد بصورة تتكرر كل عام حتى تستوعب النقد المكتنز كله إذا طال اكتنازه عدة سنين. واعتبر اكتناز الذهب والفضة جريمة يعاقب عليها بالنار فإن الاكتناز يعني التخلف عن أداء الضريبة الواجبة شرعاً فإن أداء الزكاة لا يفسح المجال للاكتناز. وبهذا ضمن الإسلام بقاء المال في مجالات الإنتاج والتبادل والاستهلاك. ثانياً: حرم الربا تحريماً لا هوادة فيه فقضى على النتائج الخطيرة للفائدة الربوية في مجال التوزيع وانتزع من النقد دوره كعملية مستقلة لتنمية الملك. والقضاء على الفوائد الربوية في الإسلام لا يؤدي إلى تعطيل أجهزة الحياة الاقتصادية ـ كما يظن البعض ـ وذلك لأن تطبيق الاقتصاد الإسلامي تطبيقاً كاملا كفيل بعلاج سائر المشاكل المتصورة. ثالثاً: أعطى لولي الأمر صلاحيات تجعل له حق الرقابة الكاملة على سير التداول والإشراف على الأسواق للحيلولة دون أي تصرف يؤدي إلى الضرر وزعزعة الحياة الاقتصادية، أو يمهد للتحكم الفردي غير المشروع في السوق. وسنوضح هذه النقاط.