توضع النظريّات العامة للمذهب، ثم تشيد القوانين العلويّة. فهو إذن سير من الأساس إلى التفريعات. أمّا عمليّة الاكتشاف فتبدأ بملاحظة الأبنية العلويّة الناجزة للوصول إلى القاعدة التي تقوم عليها، فنبدأ بملاحظة القوانين التشريعيّة أولا لنكتشف الأسس المذهبيّة ثانياً ومن خلال الأسس المذهبيّة قد نستطيع أن نعرف الأسس النظريّة للمذهب نفسه. هذا وربّما أعطتنا الشريعة أحياناً بعض الأسس المذهبيّة مباشرة. إلاّ أنّ المذهب بمجموعه يجب اكتشافه وفق ما سبق. فالصيغ المذهبيّة الإسلامية; صيغ نكتشفها بطريق غير مباشر ولذا قد تختلف نتائج الاكتشاف. رابعاً: دور النظام المالي والنظام المالي كالقانون المدني; يشكّل بناءً علويّاً للمذهب، ففكرة (الدومين) ـ وهو ما يدر على الدولة إيراداً (كالأراضي والغابات) ـ متأثّرة بالناجية المذهبيّة إذ قد انضمرت هذه الفكرة حين ساد مبدأ الحرية الاقتصادية، وعدم تدخّل الدولة في الإنتاج الفردي إلاّ في حدود ضئيلة، فاتجهت الدولة إلى الاعتماد على الضرائب ثم استأنف (الدومين) دوره بعد ظهور الاتجاهات الاشتراكية. ومن مظاهر الصلة بينهما أنّ إيرادات الدولة كانت في السابق بمقدار ما يمكن معه الحفاظ على الأمن والدفاع عن البلاد وما إلى ذلك. ولكن بعد ظهور المبادئ الاشتراكية اتسعت الإيرادات لتضمن قيام الدولة بمهمّة علاج سوء التوزيع والتقريب بين الطبقات وإقامة العدالة الاجتماعية. خامساً: انتقاء الأحكام الكاشفة وحين نستعرض الأحكام وحتى الاقتصادية منها نجد أنّ بعضها لا يملك سمة الكشف عن شيء من المذهب; كحرمة (الغش) مثلا: إذ يمكن أن تتّفق عليه قوانين جميع البلاد المختلفة في مذاهبها الاقتصادية. وكذلك ضريبة (الجهاد) التي تتّبع اتجاهات الدعوة ولا تمتلك الطابع الاقتصادي الخاص.