الدرس الثاني والثلاثون نظريّة توزيع ما قبل الإنتاج البشري القسم الثاني نظرة الإسلام العامة إلى الأرض وموادها الأوليّة على ضوء ما تقدّم في الدرس السابق لنفترض أنّ جماعة من المسلمين قرّرت أن تستوطن منطقة من الأرض لم تستثمر بعد، وتقيم مجتمعاً إنسانيّاً على رأسه ولي أمر وحينئذ تكون صورة الملكيّة على النحو التالي: إنّ هذه الأرض تنقسم إلى عامر طبيعيّاً وموات، والعامر ملك الدولة ـ كما سبق وكذا الموت ـ حيث ذكر الشيخ الأنصاري أنّ النصوص في ملكيّتها للدولة تكاد تواتتر، فالأرض كلها للإمام إذن وهو المفهوم الذي جاء في الروايات الناظرة إليها بوضعها الطبيعي. فما هي سبل الاختصاص؟ يجب أن نستبعد بادئ ذي بدء الحيازة والاستيلاء المجرّد. والشيء الوحيد المتبقّي هو (الإحياء) إلاّ إنّه لا يكون سبباً لتمليك رقبة الأرض للفرد ملكيّة خاصة وإنّما ينتج حقاً وتبقى الرقبة ملكاً للإمام، وله حق فرض الضريبة ـ كما قال الشيخ الطوسي ـ ويستمر الحق مادام أثر العمل في الأرض فإذا أهملها سقط. هذه هي نظريّة الإسلام للأرض بغض النظر عن العامل السياسي الآتي ذكره، وهي جديرة بحل التناقض بين أنصار ملكيّة الأرض وخصومها. ونحن نظن أنّ ظاهرة الاختصاص ولدت في تاريخ الإنسان أو اتسعت بعد اكتشافه للزراعة وميله إلى الاستقرار انتظاراً للمحصول، فارتبط