تطور القوى المنتجة، وكيف يتم؟وعندما نلاحظ هذا الجانب تنطرح أمامنا هذه الأسئلة: كيف تتطور القوى المنتجة؟ ما الذي يطورها؟ ولماذا لا يكون العامل الذي يطور القوى المنتجة هو القوة المحركة للتاريخ؟ ويحاول الماركسيون ـ عادة ـ الإجابة على هذه الأسئلة بأن العامل الذي يطور القوى المنتجة هو الأفكار التي توجد في ذهن الإنسان نتيجة لتعامله مع قوى الإنتاج... ويكون الحال على النحو التالي: التعامل مع القوى المنتجة يولد الأفكار في ذهن الإنسان، والأفكار الإنسانية هي التي تطور القوى المنتجة. وهكذا يعطي الماركسيون صفة ديالكتيكية لتطور القوى المنتجة حيث أنها تولد الأفكار الجديدة وتنمو هي في ضمن هذه الأفكار. ولنا في هذا التفسير مناقشتان: المناقشة الأولى: إن هذا الوصف الديالكتيكي لتطور القوى المنتجة قائم على أساس من المذهب التجريبي في المعرفة، والذي يرى أن كل المعارف الإنسانية قائمة على أساس التجربة، فالتجربة هي المصدر الوحيد والعلة لكل الأفكار والآراء. ولكن المذهب التجريبي من أساسه باطل ـ كما ثبت ذلك في محله([30]) ـ إذ الواقع هو أن التجارب الطبيعية لا تعطي الإنسان إلاّ التصورات الحسية، وهذه التصورات تبقى مهملة لا قيمة لها لو لم يقم الذهن بأعمال قدراته العقلية في الاستنتاج والتحليل، والرجوع إلى معارف أولية ضرورية غير خاضعة للتجربة. فإذا استعمل الذهن طاقاته، وطبق تلك المعارف العقلية على التصورات التي جاءت من التجربة، استطاع أن ينتهي إلى نتائج جديدة، وهكذا تتكون النتائج