أبو عثمان الوراق .
وأما أبو عثمان الوراق فله العبادة المشهورة كان الإمام أحمد بن حنبل يحمد سيرته كان للفقر معتنقا ولا يرى الامساك والادخار يتبع آثار ما درج عليه الصدر الأول من صفوة الصحابة وأهل الصفة ويقول بالإيثار والمواساة أكثر نجوم البغداديين به تخرجوا وعنه أخذوا التجرد وسياسة النفوس ورياضتها كان يجمع المتعبدين في مسجده يقرئهم القرآن ويعلمهم الأحكام ويحثهم على الورع والتقلل ويواخي بين أصحابه فيضيف الضعيف إلى القوي ويواخي بين المتكسب ومن لا حرفة له وبين البصير والضرير وبين القارئ وبين من لا يقرأ ليعلمه ويلقنه لا يمنع المكتسب من الكسب فإذا كان الليل اجتمع أمرهم واحد فأكلوا موضعا واحدا وهو كأحدهم إن كان عنده شيء أحضره كان لا يبيت شيئا كان إذا سافر وغزا هو وأصحابه ينزلون المساجد لا يحضرون الدعوات والاجتماع إن فتح عليهم في المسجد قبلوه وبذلوه وكان يصون أصحابه عن التعرض والمسألة فإن جاءه ممن تسكن إليه نفسه قبله لهم كانت طريقته طريقة السلف المرضية 592 .
أبو أيوب الحمال .
وأما أبو أيوب الحمال فمن المجتهدين ومن الأسخياء له كرامات عجيبة .
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال سمعت الجنيد بن محمد يقول أخبرني محمد بن وهب عن بعض أصحابه أنه حج مع أيوب الحمال قال فلما دخلنا البادية وسرنا منازل إذا بعصفور تحوم حولنا فرفع أيوب رأسه إليه وقال له قد جئت إلى ههنا فأخذ كسرة خبز ففتته في كفه فانحط العصفور وقعد على كفه يأكل منها ثم صب له ماء فشربه ثم قال اذهب الآن فطار العصفور فلما كان من الغد رجع العصفور ففعل أيوب مثل فعله في اليوم الأول فلم يزل كل يوم يفعل به ذلك إلى آخر السفر ثم قال أيوب تدري ما قصة هذا العصفور كان يجيئني