@ 79 @ ولا يلتفت على شئ مما الصغار فيه فعجبت من حاله وأشرت إلى جماعة من العلماء ينظرون إليه فأخبرنا والده إذ ذاك بأن صاحب الترجمة قد صار له شعر فى تلك السن كثير من الملحون الذى يسميه أهل اليمن الحمينى وروى له شعرا من غيره فعجب من ذلك جميع أولئك الأعلام وأقبلوا عليه وامتدت أعناقهم إليه فلم تمر الا أيام قلائل بعد ذلك حتى ظهر له النظم الجيد الفائق ومازال ينمو نمو الهلال حتى بلغ أعلى مراتب الكمال $ محمد بن إبراهيم بن ساعد السنجارى الأصل المصرى المعروف بابن الأكفانى $ .
ولد بسنجار وطلب العلم ففاق الأقران فى عدة فنون وأتقن الرياضى والحكمة وصنف فيهما التصانيف الكثيرة وكان يحل أقليدس بلا كلفة كأنه ممثل بين عينيه ويقدم إلى معرفة الطب فكان يصيب حتى يتعجب الحذاق فى الفن منه فإنه يأتى بالدواء إلى المريض فبمجرد ما يتناوله يبرأ وكان مستحضرا للتاريخ وأخبار الناس حافظا للأشعار عارفا بفنون الأدب وله فيه تصانيف .
قال ابن سيد الناس ما رأيت من يعبر عما في ضميره بأوجز من عبارته ولم أر أمتع منه ولا أفكه من محاضراته وكان يحفظ من الرقى والعزائم شيئا كثيرا لا يشاركه فيه أحد وله اليد الطولى في الروحانيات ومهر أيضا في معرفة الجواهر والعقاقير حتى ألزم السلطان الناظر لا يشترى أحد شيئا الا بعد عرضه عليه ومن تصانيفه ارشاد القاصد إلى أسنى المقاصد عند غيبة الطبيب وكان كثيرالتجمل فى ملبسه