@ 220 @ الوزير مصطفى باشا الخناق نائب الشام في سنة ثلاث وثلاثين وألف وبعدما عزل مخدومه أقام هو بدمشق وصار من جندها وصار زعيم دمشق مرات وسرداراً بخدمة المحكمة وصار محتسباً مدة طويلة وأحدث بها ثمان عشرة بدعة باقية إلى يومنا ثم ترقى حتى صار باشجاويش وحج سنتين وعمر داراً قبالة البيمارستان النوري تعرف قديماً بدار الصابوني والصابوني هذا هو صاحب جامع الصابونية وبعد مدة صار كتخدا الجند وسلك سلوكاً غريباً حتى فاق من قبله وأتعب من بعده وكان سخياً إلى الغاية وله بذل وعطايا وقرى ثم صار أمير الحاج وأعطى حكومة نابلس فحج بالناس سنتين وذلك سنة تسع وخمسين وسنة ستين ثم عزل ورق حاله ولم يتغير عن كرمه ثم سعى له بعض الأعيان وصيره أمير الأمراء بالقدس وبعدما عزل عنها عاد مديوناً وتضعضع حاله وكثر عليه الدين حتى باع أملاكه وسافر إلى الروم فلم يحصل له منصب بل صارت له علوفة في خزينة دمشق على سبيل التقاعد وذلك في سنة تسع وستين ثم صار متولي أوقاف ا لجامع الأموي ولما قدم الوزير أحمد باشا الفاضل جعله كتخدا الدفتر بدمشق وهذه الخدمة تتعلق بأرباب التيمار وأهل الزعامات ومن يتولاها يكون ضابطاً لهم فانتظم حاله وتنبه من رقدة الخمول قال والدي رحمه الله تعالى في ترجمته وبعدما ناهز الثمانين ابتلى بمحبة غلام كان عنده من الخدام ولم يكن عهد في طبعه الرقة ولا عرف للغرام حقه وبعدما تحكم عشقه فيه نفر عنه وقصد تجافيه وخدم عند الوزير قبلان نائب الشام وعسر عليه خلاصه من يده واجتهد في تحصيله غاية الاجتهاد فلم يظفر منه بمراد ولم يزل يعاني فيه الغصص ويتوقع مواقع الفرص إلى أن مات وما ماتت حسرته وخلفت أمنيته منيته وكانت وفاته نهار الإثنين ثاني شهر رمضان سنة ست وسبعين وألف ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من مزار بلال الحبشي رضي الله تعالى عنه .
سيف الدين أبو الفتح ابن عطاء الله الوفائي الفضالي المقري الشافعي البصير شيخ القراء بمصر في عصره قال بعض الفضلاء في حقه فاضل جني فواكه جنية من علوم القرآن وتقدم في علومه على الأقران قرأ بالروايات على الشيخين الإمامين شحادة اليمني وأحمد بن عبد الحق وبهما تخرج وأخذ عنه جمع من أكابر الشيوخ منهم الشيخ سلطان المزاحي ومحمد بن علاء الدين البابلي وله مؤلفات مفيدة نافعة منها شرح بديع على الجزرية في التجويد ورسائل كثيرة في القراآت وكانت وفاته بمصر