ـ(56)ـ
منهج الأصوليين
في التقريب بين المذاهب الإسلاميّة

الدكتور محمد فتحي الدريني ـ الأردن ـ

لقد بات من المسلّم به أن التشريع بطبيعته من أكبر العوامل المؤثرة في الكيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للأمة، بل والحضاري بوجه عام، ولذا كان ينبغي أن يكون من أولى وظائفه واختصاصاته تحقيق (التوازن) في تلك الكيانات وفق نظام متسق، لاّ يعتريه في ترتيبه للمصالح الحقيقية المعتبرة ـ للفرد والأمة ـ اختلال أو تناقض، إقامة لتلك المصالح وتنمية وحفظا.

المنهج القرآني:
غير أن التشريع الإسلامي بوجه خاص ـ بما هو إلهي المصدر ـ يتضمن نظاما: كليا، وعاما، ومطلقا، وإنسانيا، وأبديا، محكما بنيانه، ومتوازنا بين الفرد والأمة، وبين مصالح الدنيا والآخرة، دون افتئات لاحداهما على الأخرى فيما ينهض به من (مفاهيم كلية) تجلت في منهج القرآن نفسه في بيانه للأحكام، حيث لم ينزل إلى (التفصيلات الجزئية) إلاّ في القليل، وعلى وجه كلي أيضاً، أي: يكون تطبيقا دقيقا وأمينا لهذا الوجه الكلي.