ـ(10)ـ
ظروف وأجواء مختلفة فينبغي ملاحظة جميع الآيات المتعلّقة بموضوع خاصّ أوّلاً، ورعاية الحوادث والمناسبات التي نزلت الآيات لمعالجتها وبيان حكمها ثانياً.
هذه إشارة عابرة إلى نماذج من الأسس والقواعد التي لابدّ من معرفتها والاعتناء بها في تفسير القرآن الكريم، وها نحن الآن نأخذ بشيء من البسط والتفصيل فيها:

القاعدة 1 ـ خلوص العقيدة وصفاء الباطن
القرآن هو أصل المعارف الإلهية ومصدر العلوم الربانية، ولا تهدف آياته إلاّ هداية الإنسان إلى سبل السلام وسعادة الرضوان، ومقتضى قانون السنخية بين الفيض والمستفيض هو أن يوجد المفسّر أرضية صالحة في نفسه حتّى تحصل له أهلية الاستفاضة من القرآن وتعاليمه السامية. وهذا الشرط هو ما عناه المفسّرون بعلم الموهبة، يقول جلال الدين السيوطي ـ وهو يبيّن شروط التفسير ـ الخامس عشر: ـ علم الموهبة وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم وإليه أشار بحديث "من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يعلم"، وفي هذا المعنى قوله تعالى: [سأصرف عن آياتي الّذين يتكبرون في الأرض بغير الحق](1).

القاعدة2 ـ التدبر في مفاهيم القرآن
إنّ في القرآن درراً غالية من المفاهيم والمعارف لا تنال إلا بالتدبّر والتفكّر فيه. يقول سبحانه: [كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا
______________________
1 ـ الإتقان في علوم القرآن 4: 216، والآية من سورة الأعراف: 146.