ـ(80)ـ
التغييري نلمح إشارات جزئية إليه في بعض مواقف أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من بعض قضايا عصرهم، كما في موقف الإمام علي (عليه السلام) من إصرار بعض المسلمين على خضب لحاهم باعتباره سنة كان يمارسها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بينما رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن مبررات الالتزام بهذه السنة والإصرار عليها بوصفها مظهرً اجتماعياً يميز المسلمين عن غيرهم قد انتفت، فقد سئل (عليه السلام) عن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود)
فقال (عليه السلام): (إنما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك والدين قلّ، فأما الآن وقد استع نطاقه، وضرب بجرانه، فامرؤ وما اختار)
ففي هذا الإرشاد الاجتماعي من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام) نلاحظ استجابة مرنة لمقتضيات الزمان، فإذا كان ما يبرر في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الاهتمام بتغيير الشيب وإخفائه وهو إخفائه وهو إظهار المسلمين بمظهر الشباب المقتدرين في مواجهة الأعداء المحيطين بهم مما يساهم في إضعاف حالة الاستقواء لدى العدو الحاصلة من موقع الشعور بقلة عدد المسلمين وندرة الشباب المجاهدين بينهم، فإن هذه الحالة قد انتفت وصار المسلمون هم الكثرة المسيطرة والفاعلة في المجالات الاجتماعية العامة، مما يدفع الحاجة للتظاهر بمظهر القوة والاقتدار أمام الأعداء بعد أن اتسع نطاق الإسلام وقويت شوكة المسلمين وكثّر الله قلتهم وأظهرهم على عدوهم.
وعلى كل حال فان الاستلهام من موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا يهدينا إلى مجالات التغيير التي يمكن لنا الانفتاح عليها في تفعيل عملية التغيير الاجتماعي على ضوء وعي وإدراك المقاصد الكلية للإسلام وشريعته السمحاء.