ـ(60)ـ
ومن الجنوب المحيط الهندي. وقد سكن العرب هذه المنطقة، وانحدروا من أصل عدناني أو قحطاني، فالعدنانيون أو النزاريون وهم من ذرية إسماعيل وإبراهيم (عليهما السلام) سكنوا الشمال والغرب، فيما سكن القحطانيون وهم من أعقاب يعرب بن قحطان جنوب الجزيرة، وكانت بينهما حروب مستمرة.
والى الشمال والجنوب وشرق الصحراء وجدت حضارات عريقة، كانت آثارها باقية بشكل أو بآخر حين نزول القرآن، فكانت حضارة الحميريين في الجنوب والغسانيين في الشمال والحيرة في الشرق، حيث يمكن التأكد منها من خلال الكتابات المتبقية منها، والشواهد الموجودة في الشعر الجاهلي والإسلامي وعند رواة ومؤرخي العصر العباسي.
وتأثرت هذه المنطقة بالحضارات المجاورة لها: الفارسية والرومية والحبشية والمصرية، وكانت الأكثر ثراء والأنسب سكناً من سائر المناطق الصحراوية، ولهذا شخصت الانظار إليها وطمعت عيون الدول المجاورة القوية فيها، فكانت تستعمرها وتصبح مناطق نفوذ لها، بل قد تضمها إلى بلادها، إذ كانت الحبشة وفارس والروم ـ على سبيل المثال ـ تتبادل الجنوب الذي كان يخضع للإمبراطورية الفارسية إبّان ظهور الإسلام، كما كان الشرق والشمال الشرقي للمنطقة ( الجزء الأكبر من العراق الحالي) يعتبر جزء من فارس، وما طاق كسرى فيه إلاّ القصر الشتوي لخسروان، في حين كان شمال الجزيرة وغربها (سوريا ولبنان وفلسطين) يخضعان لسيطرة الروم.
وكلما اقتربنا إلى قلب الجزيرة وسواحلها الغربية انعدمت آثار الحضارة والحياة فيها، وسوى مدن مكة ويثرب ( المدينة حالياً) والطائف لم تكن هذه المنطقة مأهولة وليس فيها مدن أخرى، ولهذا السبب ظلت بعيدة عن الأطماع، سوى ما حدث في عام الفيل، سنة