/ صفحه 13 /
تفسير القرآن الكريم
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمود شلتوت
مقدمة:
عُني المسلمون منذ فجر الإسلام، وانبثاق نور الهداية الإلهية على ربوع العالم بالقرآن الكريم، مصدر تلك الهداية، ومنبع ذلك الإشراق، عناية كبرى شملت جميع نواحيه، وأحاطت بكل ما يتصل به، وكان لها آثارها المباركة الطيبة في حياة الانسان عامة، والمسلمين خاصة، أفاد منها العلم، وأفاد منها العقل، وأفاد منها الدين، وأفاد منها الفن، وأفاد منها القانون والتشريع، وأفادت منها الفلسفة والأخلاق، وأفادت منها السياسة والحكم، وأفاد منها الاقتصاد والمال، وأفاد منها كل مظهر من مظاهر النشاط الفكري والعملي عرفه الناس في حياتهم المادية والروحية.
ولقد زخرت المكتبة الإسلامية من آثار هذا النشاط العظيم، بل زخرت مكتبات أخرى في لغات أخرى وأمم أخرى، بكنوز رائعة يقف العقل أمامها حائرا مشدوها، يخالجه مزيج من الإعجاب والمهابة، ويملكه معنى عميق من معاني الخضوع، أمام هذه العظمة التي لا كفاء لها إلا الإقرار بالعجز والخضوع !
ولكي ندرك مدى هذه العناية الكبرى التي تلقى بها المسلمون القرآن الكريم في جميع عصورهم ومراحل حياتهم، وعلى أيدي علمائهم وملوكهم ووزرائهم وأمرائم وأغنيائهم وأرباب الفن فيهم، وأهل الإحسان في كل ناحية من نواحي الإحسان لكي ندرس مدى هذه العناية الكبرى، علينا أن نلتفت إلى ما سجله التاريخ الفكري للمسلمين.