/ صفحه 140 /
أساس الإسلام
لحضرة الكاتب الكبير الأستاذ أحمد أمين بك
من أروع ما في الإسلام وصفه لله، فالله هو رب العالمين، عالم الجماد، وعالم النبات، وعالم الحيوان، وعالم الإنسان وعالم المجموعة الشمسية، وعالم غير المجموعة الشمسية مما نعلم وما لا نعلم، وهو واحد أحد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. هو الذي خلق الخلق أولا، ثم هو الذي يمده بالحياة دائماً، وهو الذي يدبر نظامه ويسيره إلى غايته، فعلاقته بمخلقوقاته لا تنقطع، ولو انقطعت لحظة لفسدت السموات والأرض ومن فيهما وهذا هو الذي يميز العقيدة الإسلامية عما يعتقده الاوروبيون اليوم فهم يعتقدون أن الله خلق الخلق وتركه يدبر نفسه كما شاء ويدبرونه هم في دنياهم كما يشاءون، فهم الذين يقررون الفضائل والرذائل، وهم الذين يسنون قوانينهم وشرائعهم حسبما يتراءى لهم، فإذا ذكروا الله في أوقات الشدة ـ كأوقات الأزمات الحرجة في الحرب ـ فكل أمة تدعي أنه معها وتستنجده في النصرة على عدوها، كأن الله تعالى خادمها لا المسيطر على العالم كلة يصرفه ويقضي فيه حسب سنته التي رسمها. فميزة العقيدة الإسلامية أنها تصفه بالخلق، وتصفه بأنه يرعى العالم دائماً ويهديه سبله دائماً، وتطلب من الإنسان ان يوثق علاقته بربه فيرعى أوامره ونواهيه في كل تصرفاته، ويطلب منه الهداية ويؤسس نظرته إلى الأخلاق على ما أمر الله به أو نهى عنه، ويشكّل حياته الفردية والاجتماعية حسب تعاليمه ويجدّ في اكتشاف إرادة الله فيتبعها، ويدقق في فهم إشاراته فيعمل على وفقها، ويجعل صلته بالله أقوى صلة، وحبه لله أقوى حب، والخوف منه أكبر خوف، يؤمن أن لا شئ في الوجود يستطيع أن يبقى لحظة من غير إمداده، هو أول الخلق وآخره، بمعنى أنه السبب في خلقه، والغاية التي