/ صفحه 155/
بتلك الجامعة حالا ما نصه: (إن علماء الفقه الإسلامي لم يخصوا هذه الأصول الديمقراطية بالعناية التي عرفت عنهم في أبحاثهم حتى إن المرء ليقلب نظره في كتبهم الحافلة بكل صغيرة وكبيرة في شئون هذه الحياة والحياة الاخرى فلا يجد فيها تدويناً متجانساً مجتمع الشمل للدستور الاسلامي، بل يجد معها نبذاً متفرقة عارضة وصفحات متباعدة مبعثرة هنا وهناك، منبثة في غير موضعها بحيث لا تبرز وهي على هذا الشتات صورة قوية كاملة للديمقراطية الإسلامية).
2 ـ وفي الحق إن هذا القول على علاته يحتاج إلى كثير من التعليق وهو ان صدق على المتأخرين من علماء المسلمين فإنه لا يصدق على المتقدمين منهم الذين عاشوا في عصور النهضة الاولى قبل أن ينتاب البلاد الإسلامية من عوامل الضعف والوهن والتفكك ما اضمحلت معه الحركة الفكرية وقل به البحث والانتاج العلمي.
لم يهمل المسلمون الأولون البحث في نظريات الحكم والسياسة، بل كانت لهم في هذا المضمار نظريات وآراء خطيرة الأثر أقاموها على أساس من مبادئ الحكم العامة التي جاء بها الكتاب، ودعت إليها السنة، وسار عليها الصحابة، وأصبحت مع الزمن تقاليد ثابتة في بناء الحكومات الإسلامية.
عنوا ببحث نظرية الإمامة والخلافة، وما يتفرع عنها من مبادئ سياسية على وجه فصلوا فيه هذه النظم وأصولها أوسع تفصيل، وكانوا في ذلك متقدمين على معاصريهم من كل شعوب العالم الذين عاشوا إذ ذاك تحت سلطان الحكم المطلق وأوضاع الحكومات المستبدة، وظل هذا السبق طويلاً حتى قامت النهضة الفكرية الحديثة في أوروبا، وظهرت معها في أواخر القرن السابع عشر وما تلاه النظريات السياسية الحديثة.
3 ـ تقررت أصول الحكم في الإسلام إجمالا على أساس سليم من الديمقراطية فقد جاء هذا الدين داعياً إلى نظام حكومي دعامته اختيار رئيس الدولة أو الخليفة