/ صفحه 374/
مجافاة الدين، والحكم عليه بالزوال، تمسكا منهم بالنظريات العلمية القديمة التي سقطت وأثبتنا لك رأي العلماء في سقوطها وسقوط منزلتها.
لذلك أهبنا بالعقول التي استنارت بالعلم الحق أن تتألب على دفع هذا الخطر عن الدين، فإنه رأس المقومات الأدبية للنوع الانساني، تلك المقومات التي إن سقطت سقط معها صرح الاجتماع كله، ولا يغني عنها العلم المادي كما لم يغن عن الامم البائدة. وها هي ذي الأمم التي أمّلست من شكيمة الدين تتفانى بوسائلها العلمية، ولا يغني عنها علمها الزاخر شيئاً.
الـدين والعـلم
الدين والعلم في نظر الماديين العصريين نقيضان لا يجتمعان، وضدان لا يتفقان، ذلك بأنهم قصروا الكون على المحسوسات، وأنكروا ما وراءها جملة وتفصيلاً، فلا روح ولا خلود ولا ملائكة، ولا غير هذا من العوالم الغيبية، وتصوروا الدين على الشكل الذي يرون عليه المتدينين، ولكنهم لو أنصفوا كما أنصف في هذا العصر أكابرهم، ووقفوا على ما فتح الله به على العالم العصري من الحجج العيانية في إثبات عالم ما وراء المادة، ثم نظروا للدين في أصله وينبوعه وعلاقته بالروح الإنسانية نظر الحكيم المتبصر، لعلموا أنهم كانوا في أحكامهم الأولى غلاة مفرطين ولأصبحوا من اعز أبناء الدين كما اصبح اليوم كذلك أكبر علماء الماديين، ولسنا نيأس من رجوعهم، فقد رجع أشد منهم بطشا، ومضى مثل الاولين.
[ محمد فريد وجدي بك ]