/ صفحه 390/
في ظل الأخوة والوحدة التي فرضها الإسلام على أتباعه، وطالبهم على اختلاف ألوانهم أن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، ولأمر ما اعتبر معظم الفقهاء العرف في كثير من الأحكام الفقهية، حتى قال الأحناف: المعروف عرفا، كالمشروط شرطاً.
يستبين لنا مما تقدم أن " القومية الجاهلية " القديمة والحديثة: التي تعني التمايز الجنسي، والتفاصل العنصري، وتقضي بالصراع الدامي في سبيل السيادة على غيرها، وتفرض على بنيّها احتقار أبناء القوميات الأخرى، وتقيم الحواجز والفواصل في سبيل التعارف الإنساني، وسلام العالم ـ هذه القوميّة الجاهلية تنكرها " رسالة الإسلام " ولا تعطيها حق الوجود، لأن رسالة الإسلام، هي دعائم السلام العام:
وبذلك آمن المسلمون، وساروا على هذا النهج القويم ما تمسكوا بدينهم، فلما ضعفت سيطرة الروح الاسلامي على النفوس، وخلصت الدنيا يزخرفها إلى القلوب، وأصبحت الأثرة والشهوة هم الموجه القوى، أطلت القومية الجاهلية، والعصبية الجنسية من فوهة الجحيم على المسلمين، بإغراء من الملحدين وأرباب الأغراض الخبيثة، ووجدت لذلك قلوباً فارغة فاحتلتها، فانقسم المسلمون واحتربوا في سبيل الهوى والسلطان، ثم ازدادات عوامل التفرق، بامتداد الزمن، وازدياد بعدهم عن روح الإسلام، وبعدهم عن تحكيمه فيما شجر بينهم، ثم امتد الزمن وازداد المسلمون ضعفاً، وازداد الأوروبيون قوة، ونظروا إلى المستقبل وخافوا إن هم تركوا المسلمين وشأنهم، أن يتحدوا فيذيقوا أوربا طعم أندلس جديدة فاحتلوا بلادهم، واستنزفوا مواردهم، وأغروا العداوة القومية بينهم، حتى قطعوا أرحامهم وتنابزوا بما لم يأذن به الإسلام، وأصبحوا يدورون في أفلاك شتى ليس من بينها ـ على أي حال ـ فلك الإسلام.
وبعد فهل لنا ـ: وقد استيقظ المسلمون وتحركت الغيرة الإسلامية في