/ صفحه 185/
معاطفها، وعلل الضعف أو النقص في بعض نواحيها. فالأداب العربية مؤثرة في "التقد العربي" لأنها مصدره، متأثرة بالنقد العربى لأنه يميز صحيحها من عليلها، ورفيعها من مُسِفِّها، وكاذبها من صادقها، وما فسر العرب القر ان؛ ولا ألف الزمخشرى كشافه المعجز، ولا وضع عبد القاهر الجرجانى كتبه في أسرار الإعجاز، ولا، ولا، الخ، إلا بعد البحث المتقصى في آداب اللغة العربية، وإلا بعد اكتمال الملكة الذوقة التي طاروابها في سماء البلاغه العربية وآفاقها الرحيبة كل مطار.
جوهر المشكلة بيننا وبين بعض مجددى النقاد في هذا العهد الأخير، إنهم يريدون فصل اللغة العربية: متنها وآدابها ونقدها وعرضها الخ. عن الدين .
أما نحن، فاننا تعتبر هذا الفصل كالفصل بين الروح والجسد؛ فان اللغة قوام الدين؛ والدين هو المقوم لحياة الإسلام بين شعوب العالم المعمور.
وأذكر أن هذه الخاطرة التافهة نمّت بها بعض الأقلام منذ عهد بعيد، وكان الفرد الذي لمحها فأسرع إلى كبها، ذلك الكاتب الاسلامى العظيم المغفور له مصطفى صادق الرافعي، في أسطر قليلة وردت في مقدمة أحد مؤلفاته، وقرأتها يومئذ ثم ماتت الفكرة فترة طويلة حتى نشأ نقاد الفترة الحاضرة، فأخذوا يحومون حولها، ولكنها ستعود إلى قبرها، لا لأننا سنعنى بمحاربتها، بل لأنها غير صالحة للحياة.
قد يقول قائل: إذا كانت اللغة على ما ذكرت مقدسة؛ فما عمل المجمع اللغوى وهو سؤال قد يخطر ببال من لا يتعمقون الأمور؛ فأما أنا فاننى مؤمن أعمق الإيمان بأن الرجال الخالخين أعضاء المجمع الموقر يرون أول واجباتهم حماية اللغة من أمثال هذه هذه الوافدة؛ وان لهم وراء ذلك لمجالا رحبا يستنفد الجهود في الحياطة والتيسير؟