/ صفحه 358/
لمزاج، سريع الغضب، شديد الغيرة على ما يعتقد، فهاج وماج وأرسل إلى الشيخ محمد عبده وكلمه في ذلك كلاما شديداً، وتعصب للشيخ عليش في ذلك طلاب من الأزهر وعلماء، حتّى كان الشيخ عبده يضطر إلى اصطحاب عصا معه وهو يقرأ الدرس خوفا على نفسه من اعتداء ذوى العصبية.(1)
إلى هذا الحد كان الأزهر متمسكا بعلومه وتقاليده الدراسية، وقد احتاج الأمر في تقرير بعض المواد الحديثة في إلى أخذ ورد، ومشاورات ومحاورات، حتى أمكن تقرير دراسة التاريخ السلامى وتقويم البدان وعلم المحاضرات، على أن يقرأ في المادة الأولى كتاب "المواهب اللدنية في تاريخ السيرة النبوية" وفى المادة الأخيرة كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه، وأن يترك أمر المادة الوسطى لما يختاره مدرسوها على ألا يعبر عنها بالاسم المشهور: "الجغرافيا".
ولهذا كله اشتهر الأزهر منذ ذلك العهد "بالمحافظة" أو بتعبيرا أصرح "بالجمود" مما دعا إلى التفكير في إصلاحه، وكان من أسباب إنشاء بعض المعاهد الأخرى، كمعهد الاسكندرية الذي أنشيء في سنة 1904 م، وأريد به إيجاد نوع من التعليم الأزهرى يستطيع مجاراة التطور الذي تقضى به الحاجة.
ثم وضع قانون سنة 1911م، وأخذ به الأزهر، وفيه كثير من مظاهر التطور في المناهج والكتب والمواد وطريقة التدريس والامتحان وغير ذلك، وتلاحق على الأزهر بعد ذلك، التعديل في إثر التعديل، حتّى أصبحت معاهدة الابتدائيه جامعة لكثير من المواد التي كان يعتبر تدريسها في الأزهر خروجا على تقاليده، وذلك إلى جانب موادة الأصلية، وحسبى أن أنقل من المنهاج الرسمى على سبيل السرد ما يدرس في هذا القسم الابتدائى من المواد، وهو الفقه بمذاهبه الأربعة، والتوحيد، والسيرة النبوية، وسيرة كبار الصحابة، وتجويد القرآن الكريم، والإنشاء، والنحو، والصرف، والإملاء، والمطالعة، والمحفوظات، والتاريخ، والجغرافيا،

ـــــــــــ
(1) ص 132 ـ 131 من الجزء الأول من تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، تأليف السيد محمد رشيد رضا، طبع مطبعة المنار بمصر سنة 1350هـ.