/ صفحه 375/
فالحكماء يعبرون عنها بالعقل الهيولاني، والعقل بالفعل، والعقل بالملاكة، والعقل المستفاد، ومقام القلب، ومقام الروح، ومقام النفس.
والعرفاء يسمونها بالمقامات، وهي: الطبع والصدر والقلب والروح والسِّر والخفّى والأخفي.
والطبيعيون يعرفونها بالأطوار، وهى تبدأ بالطفولة العاجزة، وتمر بالنضوج، والرقيِّة، والحرّية، واستكمال العقل (الاستكمال الروحانى والجسماني)، ثم تنتهى بالكمال.
وهؤلاء وأولئك يتفقون في تقسيمها كذلك إلى سبعة منازل، وهو أشبه ما يكون بتقسيمنا اليوم إلى ليل ونهار، لأن الظلمة تفرقهما، والحال أن كل دقيقة وثانيه وثالة، فيها تغير وتبدل.
وهكذا الإنسان ينتقل من طفولة عاجزة، إلى صبا وثاب، إلى كهولة وشيخوخة، وكلها هجرة إجبارية، لا تحكم له فيها ولا خيرة، بل هى سنة من سنن الله في عباده "و لن تجد لسنة الله تبديلا".
أما الهجرة المعنوية، فهى هجرة النفس من صفة إلى صفة، ومن خطلة إلى إلى خصلة، ومن خلق إلى خلق، ومن درجة أدنى إلى درجات أعلي، ومن عادات ضارة إلى أخرى مفيدة، ومن تقاليد فاسدة، إلى غيرها صالحة، ومن تعصب للسخافات، إلى تعشق للتسامح، وتطلع للكمال.
وهذه الهجرة المعنوية طبيعية بالنسبة لمن جعل الدين مرشده، واتخذ من تعاليمه دليله، وضرورية بالنسبة لأصحاب الدعوات والمجاهدين في سبيل الفكرة، الذين لا يهاجرون بأنفسهم فحسب، بل يهاجرون بالناس من السيء إلى الحسن، ومن الحسن إلى الأحسن، ومن الأخلاق الذميمة إلى الكريمة، ومن مواطن السوء وارلذيلة إلى مواطن الخير والفضيلة، ويدفعون الناس إلى الكمال، وإلى ما فيه صلاح دنياهم وأخراهم.