/ صفحه 391/
في روع القاريء بهذه السلسلة الباهرة من الصفات أن الكامل كان من أصحاب العصمة الأخلاقية الذين لا يعصون الفضيلة ما تأمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، بل هو ـ وغيره من الشخصيات التاريخية الممتازة ـ مزيج من الصفات الإنسانية العامة، مع غلبة نواحى الخير فيه على نواحى الشر في أكثر الأحيان، فضلا عن قدرة على التمييز بين الحقيقى والزائف من المصالح.
أما قبل، فليس قليلا أن ينشأ الكامل محمد ابنا للسلطان العادل، وأن يرى الابن أباه يعمل دائباً بمختلف الواسائل الطويلة والقصيرة على ئحقيق غاية واحدة، وهى إبقاء الدولة الأيوبية وحدة متماسنكة في قبضة سلطان واحد، هو العادل نفسه. ومن وسائل العادل للتحقيق هذه الغاية إلقاء العداوة والبغضاء بين أبناء أخيه صلاح الدين، وإثارة الحروب بينهم، مع مهادنة الصليبيين، وتسوية ما بينهم وبين المسلمين بالمفاوضات السلمية، والصدقات الشخصية، التي يرجع بعضها إلى أيام صلاح الدين ورتشارد قلب الأسهد ملك إنجلترا، حين بلغ الود بين الملك العادل والملك الإنجليزي، أن رتشارد أفرس الكامل ـ أى جعله فارسا ـ بمدينة عكا سنة 1192 م، حسب الطقوس الأوربية الغربية، والكامل وقتذاك في الثانية عشرة من عمره. ومنذ صارت الدولة