/ صفحه 9/
فهو التشريع الذي اقتضاه تكون المسلمين جماعة متميزة عن غيرها عباداتها ومعاملاتها، ويبدأ هذا الغرض من أول قوله تعالى آية البر: "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى" إلى آخر السورة‌ الذي كان بياناً لعقيدة المؤمنين.
وقد مهدت السورة أمام هذين الغرضين بأمور ثلاثة:
أحدها: ‌بيان طوائف الناس أمام هداية القرآن، وقد استغرق ذلك عشرين آية من أولها إلى قوله تعالى: "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصاره أن الله على كل شي قدير "
والثاني: بيان أصول الدين عند الله، وقد استغرق ذلك تسع آيات من قوله تعالى: "يأيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون"
إلى قوله تعالى: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم".
الثالث: تذكير بنى الإنسان بقصة‌ الخلق، وما قام في شأن آدم من حوار في الملأ الأعلى، إذا خلقه الله، واستخلفه في الأرض، وألهمه معرفة خواص الأشياء، وطبائع الموجودات، لينتفع بها، وإذ تبينت عدواة إبليس له ولذريته،‌ حين عصى أمر اًلله في شأنه، واستكبر عن الخضوع له، وقد استغرق ذلك عشر آيات من قوله تعالى: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" إلى قوله تعالى: "والذين كفروا وكذبوا بأياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون".
وحسبنا أن نعرض اليوم إلى الأمرين الأولين، وهما بيان طوائف الناس أمام الهدايه القرآنية، وبيان أصول الدين عند الله:-
طوائف الناس أمام هداية القرآن:
بعد أن قرع الله الأسماع، ونبه القلوب، بهذه الأحرف المقطعة التي بدأ بها السورة وهي قوله تعالى: "ألف لام ميم" أشار إلى القرآن الكريم الذي