/ صفحة 145 /
من مراسيم الجور والظلم، وقوانين الاستعمار وإذلال الأحرار، فهل كان مجلس الأمن يسكت ليلة واحدة لو فعل ذلك بولاية كولاية (لكسمبورج) مثلا؟
والأمر الآخر أمر اليهود، فقد لفظتهم أوربا، وحاربهم هتلر في ألمانيا وغيرها من البلاد التي خضعت له حرباً لا هوادة فيها، وكان المسيحيون يبكون عليهم أو يتباكون، ولا يحركون في أمرهم ساكنا، ولا يجدون أمة مسيحية تتقلبهم، ولا منطقة مناطق الدول المسيحية تتفتح لهم، فظلوا مشردين، حتى سنحت الفرصة للأوربيين والأمريكيين فرمَوا بهم بلاد فلسطين، قلب الوطن الإسلامي، رجاء أن يستريحوا من شرهم، ويتعبوا المسلمين بهم، وكم كانت الحيلة متقنة موزعة الجوانب على المشتركين فيها، حيث أعلنت انجلترا أنها ستجلو عن فلسطين في يوم معين، فأداعت عصابات الصهيونية أنها ستعلن في هذا اليوم نفسه إنشاء دولة إسرائيل، فلما جاء اليوم الموعود إذا أمريكا صاحبة الدعوة إلى حريات الشعوب تعترف بإسرائيل بعد دقيقة واحدة من إعلانها، فيالها من مهزلة تاريخية مُثلت على ملأ من أهل الدنيا وهم يشهدون!!
* * *
على المسلمين أن يواجهوا هذا الحقيقة شجعاناً غير محاولين منها فراراً: إنها الحروب الصليبية ما في ذلك شك، وإذا كان أهل أوربا وأمريكا يعلنون الحرية الدينية في كل مجتمع وعهد، فإنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، وآية ذلك أن الإسلام لا يجد مُتَنَفَّساً في أي مكان من الأرض، فأهله معذَّبون مضيَّعون وبلادهم مُثقلة بالاستعمار أو متخبطة في أحابيله التي نصبت هلا من بعيد، ولو خُلِّيَ الإسلام وشأنه، ولم تحل فتنُ السياسة والاستعمار من دونه، لدخل الناس فيه أفواجا، ولنسخ بإذن الله كل ما سواه.
فإذا أدرك المسلمون هذه الحقيقة وواجهوها صرحاء، فأولى لهم أن يدفعوا الحرب عن الدين، بالتمسك بالدين، وإلا كانوا عوناً على أنفسهم، وجنداً لأعدائهم من حيث لا يشعرون.