/ صفحة 172 /
من السبعة قبل عهد المأمون، وقد كان من الأئمة قبل ابن مجاهد من أخرج حمزة والكسائي من السبعة، وأدخل بدلا منهما أبا جعفر ويعقوب، فلما جاء الإمام الشاطبي اختار من اختارهم ابن مجاهد، وألف بهم منظومته حرز الأماني المسماة الشاطبية فاقتصر عليهم المتأخرون تبعاً له اختصاراً واختيارا.
وقديماً كانت ثقافة القراء واسعة، فلم ينصب أحد نفسه للإقراء بعد استنباط النحو ما لم يكن عالما بالعربية وأوجه الخلاف فيها، كما انهم لم يعدوا المرء عالما بالعريبة ما لم يكن ملما بالكثير من القراءات. وفي بدء الإسلام لم تكن هناك حاجة إلى علم القارئ بالنحو الذي لم تستوف أصوله بعد، وإن كان له مع ذلك إلمام واسع بمأثور العرب، في حين أن اللسان العربي صحيح، والسليقة لم تفسدها العجمة.
فإذا سرنا مع الزمن، وجدنا كل قارئ إماما في العربية، بجانب إمامته في القراءات.
فهذا أبو عمرو بن العلاء، كان حجة في كلام العرب ولغاتها وغريها. وهذا الكسائي، جمع إلى إمامته في القراءة إمامة الكوفيين في النحو، والإمام الشاطبي صاحب المنظومة المشهورة في القراءات، كان أعلم الناس بالعربية وعلومها، ومنظومته التي تبلغ ألفاً ومائة وثلاثة وسبعين بيتا، التي مطلعها.
بدأت ببسم الله في النظم أولا تبارك رحمانا رحيما وموثلا
أكبر دليل على قدرته العلمية والأدبية، وبراعته الفائقة لما شملته من جمال والنظم وحسن السبك ودقة الرموز وقد ظلت على الرغم مما عورضت به وألف على غرارها هي التي يحفظها من يريد تعلم القراءات السبع.
أما ابن مالك صاحب الألفية التي صارت مرجع كل عالم في النحو فقد كان حجة في القراءات، وإماما قدم الشام من الأندلس، وصار شيخ الإقراء بالمدرسة العادلية بدمشق، وألف قصيدة دالية في القراءات السبع، كما ألف منظومة لامية في القراءات على غرار قصيدة الإمام الشاطبي.