/ صفحة 243 /
أما الطريق الثاني فهو التحكيم، وجاءت آيته بعد آية الطريق الأول للاشارة إلى أنه إنّما يكون في حال عجز الرجل عن العلاج بالطريق التي شرعت له وعند تطور الحالة من النشوز إلى الشقاء، وفي حالة ما إذا كان النشوز واقعاً من الزوج نفسه، وقد خاطب الله بهذا العلاج الأخير جماعة المسلمين تحقيقا لما يجب أن يكون بينهم من التكافل والتضامن على حفظ الأسر والبيوت، وعلى الحكام أن يقوموا بمثل هذا الواجب نيابة عن جماعة المسلمين كما هو الشأن في الأحكام التي تتعلق بالأفراد، ولايمكن أن يقوم بها الأفراد، كالحكم بالقصاص، والحدود، وكل ما توجبه المصلحة لجماعة المسلمين.
وقد طلبت الأيات الواردة في التحكيم، أن يكون الحكمان في هذا الشأن من أهل الزوجين وذلك نظراً إلى أن الشأن في الأهل أن يكونوا أدرى اللناس بأحوال الزوجين وأحرصهم على سعادتهما، وأقدرهم على التأثير في نفوسهما، وأحفظهم لما قد يجدون بينهما من أسرار، واقرأ في ذلك كله قوله تعالى:
"الرجل قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتى تخافون نشوز هن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا
ان الله كان عليا كبيرا، وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيراً" الأيتين 34، 35. واقرأ فيه أيضاً قوله في السورة:
"وان امرأه خافت من بعلها نشوزاً أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً، والصلح خير، وأحضرت الأنفس الشح، وان تحسنوا وتتقوا فان الله كان بما تعلمون خبيرا....الآية 128"
أما بعد:
فهذه جملة الأسس الاصلاحية في جانب الأسرة، التي تناولتها أو أشارت إليها سورة النساء، والى اللقاء في العدد المقبل ان شاءالله ؟