/ صفحة 259 /
تبنى الاقتصاد الشيوعي، بعد أن بدت مقاتل الاقتصاد الرأسمالي الغربي ; لأنه يظن خطأ أن السياسة في الإسلام، والاقتصاد الإسلامي، كلاهما ذو رائحة دينية من النوع الذي خاصم العلم والعلماء.
وكلمتى إلى هؤلاء، في توضيح ما عنيته بمفهوم الدين في الإسلام في هذه المقدمة، أن أقول لهم: إذا كانت الكنيسة في يوم من الأيام قد استندت في توسيع سلطانها إلى بعض عبارات الكتاب المقدس، حتى صارت تتدخل باسم الدين في الصغيرة والكبيرة، فقد حرر الإسلام أتباعه من مثل هذه السلطة ومن أي سلطة أخرى مهما علا شأنها، حتى ان الله سبحانه خاطب رسوله الكريم في كتابه العزيز محددا وظيفته بقوله "إنّما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر" وبذا حرم وجود هيئات كهيئات الاكليروس.
ولهذا لم يعد من الممكن أن يرى في تاريخ الإسلام قصة كقصة الخصام بين الدين والعلم، ولا قضية كقضية الفصل بين الدين والدولة، ولا مذاهب تتضافر على القول بضرورة استبعاد الدين عين حرم العلم.
ثم ان الدين في الإسلام ليس له مصلحة في أن يقف في وجه العلم، بعد أن امتنع
أن يكون له رجال كهنوت وهيئات اكليروس، يحلون ويعقدون كما يشتهون على نحو ما يجرى إلى اليوم(1).
من أجل هذا، كان سوء السمعة الذي اكتسبته يعض الأديان، لما صاحب تاريخها من قتل الناس صبراً في غرف التعذيب، وتقديم نوابغ العلماء طعمة للنيران في ساحات المدن الكبرى باسم الدين، يجب أن لاينسحب على الإسلام بوجه من الوجوه.
على أن مفهوم الدين في الإسلام، على ما أعتقده كمسلم (2)، ليس ـ في جوهره ـ
ـــــــــــــــــــــ
1- في 2 أيار سنة 1949 أصدر البابا منشورا يحرم فيه زواج الكاثوليكية من الأرثوذوكسي والبروتستنتي و... الخ (الأب بولس كوسا. دليل الزواج المسيحي ص 32)
2- أي في الشئون السياسة والاقتصادية.